كتاب " دراسات في أدب العرب قبل الإسلام " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب دراسات في أدب العرب قبل الإسلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نشأتها :
وبعد هذه التوطئة عن تعريف الخطابة ، ومكانتها عند العرب في العصر السابق للإسلام ، فإن الكلام يقتضي منا دراسة نشأة الخطابة والأدوار التي مرت بها. فعلى الرغم من أنَّ تاريخ الخطابة يكاد يكون مرافقاً لتاريخ الإنسان نَشَأَ بنشأته، إذ متى وجدت جماعة من الناس لها لسان واحد فسرعان ما يختلفون في آرائهم ومعتقداتهم وحكمهم بالصواب والخطأ ، فيتجادلون ويحاول بعضهم إقناع بعض ، ويتسابق النابهون منهم إلى استمالة المخالف ، لأن هذا مظهر من مظاهر القوة التي يطمح إليها كل إنسان ، فإذا أقنع أحدهم غيره واستماله فهذه خطبة([5])، ولكن تبنّي هذا الأمر يبقى غير واضح المعالم ، وهذا بديهي ، لأن بدايات التاريخ الإنساني ما تزال في ذمة المجهول .
وحين نحاول البحث عن نصوص تسعفنا بمعرفة الأطوار التي مرت بها خطابة العرب في حقب ما قبل الإسلام ، فإن المظان تبخل علينا بذلك ، ولعل السبب يعود إلى أن ألأمية كانت غالبة على العرب والكتابة لم تكن شائعة إلاّ في بيئات محددة ولمقاصد تجارية ـ في الغالب ـ ولهذا ضاع معظم الأدب العربي بخاصة النثر إلاّ ما وعته حافظة الرواة ولاسيما الشعر الذي لارتباطه بالموسيقى والوزن اللذين أعانا على حفظه ، وما وصل إلينا من الأدب العربي قبل الإسلام لم يسلم عن عمد أو غيره من التحريف والتزوير والعبث ، ومن الباحثين من أنكر صحة ما وجدنا من النثر الجاهلي ورأى فيه صورة العصور التي كتب فيها الأموي والعباسي ما لا يعطينا صورة واضحة للعصر الذي يمثله بل للعصر الذي نحل فيه([6]).
وعلى الرغم من هذا الذي جاءت به المظان ، فإِنه لا يدفعنا إلى إنكار كل ما جاء عن العرب قبل الإسلام من نصوص نثرية لاسيما الخطب التي لا يمكن أن تستغني عنها أية أمة من الأُمم ، لما لها من منزلة مهمة في تربية النفوس أيام السلم وتشجيعها على القتال أيام الحرب ، والخطبة أداة الدعوة للرأي والعقيدة في كل أمور الحياة ([7]).