أنت هنا

قراءة كتاب أصل وفصل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أصل وفصل

أصل وفصل

كتاب " أصل وفصل " ، للمؤلفة سحر خليفة ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 6

جد الأجداد الشيخ قحطان

لم تكن ستي سليلة عائلة صغيرة، بل كبيرة واسعة ممتدة فيها المتعلم والأمّي وراعي الغنم، يعني قبيلة. وكانت القبيلة لها أفخاذ، أي ذيول وأطراف وحواشٍ تصل مكة، وواسعة باتساع الصحراء، حيث جاءوا. وطبعا ممتدة ومديدة لأن الأفخاذ إذ تتزاوج تبدو للعين مدملجة في أحسن حال. لكن الحال ليس جميلا بكل الأحوال؛ لأن المؤسس – جد الأجداد الشيخ قحطان – جاء من الربع الخالي واستلم الخراج زمن الأتراك وصار من الخاصة والأعيان. كانت له سحنة جادة وعيون واسعة عسلية. كان جميلا، طويل القامة، عريض المنكبين، وله صوت مثل المارد حين ينهر ويقول بحزم: شبيك لبيك. وهذا ما قاله حين زاره والي السنجق في ذاك الزمن، زمن السلطان. رآه جميلا فاستحلى الطول والصوت العريض ولون الناقة. كانت ناقته مسحوبة مثل سفينة ذات شراع يمخر في الأفق فيتلألأ مثل القمر في ليل بهيم. وليل البادية إذا تحلّك ينبت أشباحا وشياطين.

كان الوالي في رحلة صيد فلم يصطد، وحل الظلام فضلّ طريقه وأرسل من يبحث عن مأوى وماء وطعام، فعاد الياور، وقال بلهفة: سيدي العربان خلف الكثبان. ماء ونخيل وربابة وناقة بيضاء مثل القشطة وحليب الغنم. فالتفت الوالي لحاشيته، وقال بهمة: ابشروا يا رجال، سنجد هناك من يطعمنا ومن يسقينا وننام بعيدا عن الضواري ووحوش الفلاة. فخاضوا في الرمل حتى وصلوا ورأوا نارا وأشجار نخيل، ورأوا نوقا تقعي وتلوك خلف الماعز وقطيع غنم، ورأوا خياما وصواري وبسط حمراء تلمع كالجمر خلف الموقد. انطلق نباح فوقف الراعي وهزّ بعصاه، وقال للكلب: اركض، جيبه. فصاح الوالي: ضيوفك يا شيخ. من منكم شيخ القبيلة، من يُقري الضيف؟

وقف جدي، جد الأجداد الشيخ قحطان، وقال:

- أهلا، شرفت الديرة وحماها، أنا شيخ القوم وأنت الوالي، أليس كذلك؟

دهش الوالي، وقال:

- أحسنت، فكيف عرفت؟

قال:

- من الياور والشاويش ونياشينك. الدار أمان، تفضل، حوّل. طعام وشراب من خير الله وخير السلطان.

ونادى ابنه:

- اذبح يا سعد، أغلى ناقة واحضر ثريدا وتمورا وحليب النوق.

قال الوالي وهو يشمر عن أردانه ويغطس بالثريد حتى كوعيه:

- جازاك الله. كرم العربي لا يضاهى. جازاك المولى من خيره.

قال جدي:

- خير المولى مثل المزنة فوق الصحراء تمطر ماء فيخضرّ العشب.

قال الوالي:

- وهو كذلك، سيخضر العشب، وبدل الناقة نوقا وحميرا وبغالا وخراج المال.

وهذا ما كان، إذ بعد شهرين أو ثلاثة، كان جدي، جد الأجداد الشيخ قحطان، شيخ الناحية الصغرى ثم الكبرى ثم السنجق وخراج المال.

الصفحات