أنت هنا

قراءة كتاب أصل وفصل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أصل وفصل

أصل وفصل

كتاب " أصل وفصل " ، للمؤلفة سحر خليفة ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 9

فيقول وحيد بكبرياء:

- هذا من هناك، من الساحل، من الانجليز ومن السكناج.

- أي سكناج؟

- سكناج جايين من أوروبا، يعني لاجئين مثل الأرمن.

- مثل الأرمن؟ يعني مساكين!

ابتسم وحيد، وقال بهزء:

- اليهود مساكين؟!

وأجال عينيه في الشارع، شبه شارع، أشباه دكاكين. فقْر وذُلّ وتعاسة ورقع قنابيز. وخبز أكلوه من مطحنته ممزوج بوسخ الفئران والعناكب وبيض الصراصير. وأطفال يدورون في الشارع حفاة عراة. فقال بإشفاق: نحن المساكين!

وعاد يمخر بالشفروليه ليرى الدنيا بعين أخرى عند اليهود والانجليز على الساحل. كان اليهود يتمركزون في مجموعات حول يافا، حول حيفا، حول عكا وصفد والجليل. كانت موانئ مفتوحة على العالم بفعل التجارة والاستيراد وبعض الوجهاء ممن خدموا عند الأتراك وتعلموا في الأستانة، وكذلك بعض الجاليات الأجنبية والرهبان. هناك وجد اليهود بيئة مناسبة للاستيطان فاستقروا. أما العرب، وقد خلفتهم تركيا شبه معاقين بعد أن امتصت دماءهم واقتنصت خيراتهم وشنقت رجالهم وساقتهم لحروبها مثل الأغنام فقد كانوا قطعانا مشتتة ينهشها الفقر. لكن طبعا، بفضل الإقطاع، هناك أحياء ومبان إن مررت بها في ذاك الوقت تحسّ أنك في الأستانة عاصمة الكون. لكن الآن، وقد باتت الخلافة مهددة بغريم جديد فقد تراجع العزّ وتآكل ونخر السوس أعمدة الحكم، فدخل الانجليز على أرض تمور بالثورة وترحب بالغزاة الجدد وتساعدهم ليجيء الخلاص. ومن المفارقات وسخريات القدر أن الخلاص ما جاء لهم ولا وصلوا إليه. إذ أن الانجليز، وقد أصبحوا الأولياء والمنتدبين على القصَّر ومال الأيتام فعلوا ما فعله كبير العيلة حين خان الأمانة وأكل الميراث ونسي الموضوع. وهذا ما كان. إذ أن الانجليز حين ورثوا ما آل إليهم من الأتراك لينتدبوه ويحرروه ويطوروه، تصرفوا به تصرف الملاك والسادة، فصالوا وجالوا وأخذوا وأعطوا واقتسموا الغنائم وباعوها ووعدوا العرب ثم اليهود ثم فرنسا. وبهذا كان وعد بلفور وسايكس بيكو ثم الدولة، فوق ميراث كومة أيتام.

الصفحات