رواية كلاسيكية أميركية حول فتاة شابة في مطلع القرن، وهي رواية عميقة التأثير، صادقة وصحيحة تدخل في صميم الحياة. إذا فاتتك قراءة هذه الرواية فإنك سوف تحرم نفسك من تجربة غنية. إنها رواية تحمل تفهماً عميقاً وحاداً لعلاقات الطفولة والعلاقات العائلية.
أنت هنا
قراءة كتاب شجرة تنمو في بروكلين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
بسبب وجود احتمال لمثل هذه الزيادة، أفسح نيلي المجال لفرانسي لكي تجر الكيس إلى الإسطبل. هنا قفز كارني إلى الأمام وأفرغ محتويات الكيس أرضاً ثم قرصها قرصة أولية على الخد. وفيما كان يكوِّم البضاعة على الميزان، رمشت فرانسي بعينيها وهي تحاول التكيف مع الظلام الذي يلف المكان ومع الهواء العفن ورائحة الخرق القماشية المبللة. حدق كارني جيداً في عداد الميزان ثم قدّم لها عرضه بكلمتين. كانت فرانسي تعلم أن المساومة ممنوعة لذلك أومأت بالموافقة. عندها قام بتوزيع القمامة وتصنيفها كل قطعة في مكانها. جمع الأوراق في زاوية والخرق في زاوية أخرى ثم فرز المعادن فيما هي تنتظر. بعد ذلك مد يده إلى جيوب بنطاله وأخرج لفة من الجلد ثم حلّ رباطها وأخذ يعد بضعة بنسات لونها أخضر مثل القمامة، وفيما كانت تشكره قام بقرص خدها مرة أخرى ولكنها بقيت ثابتة. عندها أعطاها كارني سنتاً آخر وهو يبتسم. وما أن خرجت فرانسي حتى تغيرت نبرة صوته وهو ينادي الفتى التالي بصوت أجش: «ادخل» ثم صاح وهو يناديه. أخرج الرصاص جانباً. كان يوازن ضحكته وهو يقول: «لا أعني القمامة». كان الأولاد يضحكون بإذعان وتبدو ضحكاتهم كأنها أصوات ثغاء لحملان صغيرة تائهة ولكن كارني كان يبدو راضياً كل الرضا.
خرجت فرانسي لتعطي الغلة إلى أخيها وقالت: «16 سنتاً إضافة إلى سنت القرصة»، ولكنه أعاد لها السنت الأخير قائلاً: هذا حقك كما اتفقنا. وضعت السنت في جيبها وسلّمت له باقي المبلغ. كان نيلي في العاشرة من العمر يصغر فرانسي بسنة ولكنه كان الذكر في المنزل وهو المسؤول عن تقسيم الأموال بدقة.
«ثماني سنتات للبنك» هكذا كانت القاعدة. دائماً نصف المبلغ المحصل يذهب إلى البنك. والبنك لدى فرانسي ونيلي هو علبة صفيح مثبتة بمسمار في أرضية الخزانة وفي أكثر زواياها ظلمةً. ويتم تقسيم المبلغ المتبقي: أربعة سنتات لفرانسي وأربعة سنتات لنيلي.
لفَّت فرانسي نقود البنك بمنديلها ونظرت بسعادة غامرة إلى سنتاتها الخمسة فهي سوف تتمكن من تحويلها إلى «نيكل كامل». أما نيلي فقام بطي كيس الخيش ووضعه تحت إبطه وسار في طريقه نحو دكان تشيب تشارلي، وفرانسي خلفه. وتشيب تشارلي هو دكان يبيع الحلوى ويقع إلى جوار مخزن كارني لتجارة القمامة. في نهاية كل يوم سبت يمتلئ صندوق النقود لدى دكان تشيب تشارلي بالسنتات الخضراء ولكن الدكان وبموجب قانون غير مكتوب كان يعتبر دكاناً للفتيان لذلك ظلت فرانسي تنتظر أخاها ليحضر لها الحلوى ولم تكن تدخل إلى الدكان أبداً.
كان الفتيان من عمر 8-14 يشبهون بعضهم البعض ببناطيلهم القصيرة المتهدلة وقبعاتهم المقصوصة عند القمة. وكانوا يتسكعون في المنطقة، وأيديهم في جيوبهم وأكتافهم مندفعة بشدة إلى الأمام. يكبرون وهم على هذه الشاكلة مع فارق وحيد فقط هو تلك السيجارة التي كانت تبدو دائماً محكمة الربط بين شفاههم، تعلو وتهبط في أفواههم فيما هم يتكلمون.