كتاب " الوجيز في القانون الدولي الإنساني " ، تاليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الوجيز في القانون الدولي الإنساني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الوجيز في القانون الدولي الإنساني
المقدمة
تعتبر دراسة القانون الدولي الإنساني من الدراسات المهمة التي برزت بشكل واضح منذ أن وُضِعت قواعده من خلال اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لعام 1977 الملحقين بتلك الاتفاقيات. فكانت حاجة الدول لوجود قانون ينظم علاقاتها في فترات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية؛ ولضمان عدم ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية حافزاً لتطوير قواعد القانون الدولي، بحيث يشمل تصرفات وسلوكيات المقاتلين من أطراف النزاع، وضمان الحماية لهم، وللجرحى والمرضى والغرقى، وامتدت لتشمل حماية فئة الأسرى والمدنيين.
وجاءت قواعد القانون الدولي الإنساني للتأكيد على عدد من المبادئ والتي اشتركت بها مع القانون الدولي لحقوق الإنسان في أهمية العنصر البشري وكرامته وأمنه، وتحقيق جوانب عديدة يترتب عليها حالات النزاع من قتل وجرح وأسر، وحماية للأطقم الطبية، والهيئات القائمة على ضمان سير تطبيق القانون الدولي الإنساني فترة النزاع الدولي وغير الدولي، والمدنيين وممتلكاتهم، فأصبحت المنظمة الدولية للصليب الأحمر الجهة الرسمية الكافلة للإشراف على ذلك.
في ضوء ما سبق من تطورات في تلك القواعد القانونية، كان لزاماً على الدول إيجاد آلية لضمان السيطرة في تنفيذ القانون الدولي الإنساني، مما أوجد معه آلية المساءلة الجنائية الدولية عن الأفعال التي ترتكبها الدول والأفراد فترة النزاعات الدولية وغير الدولية. فالتطور الكبير في المحكمة الجنائية الدولية، حيث بدأت الدول في وضع النظام الأساسي لها على أثر اتفاقية روما عام 1998، ودخلت حيز التنفيذ عام 2002، بدأ السؤال عن جدوى عمل هذه المحكمة؟ ومدى التزام الدول بتنفيذ قراراتها؟ وهل هنالك دور للاعتبارات السياسية في إنشاء محاكم جنائية دولية خاصة، تفوق الاعتبارات الإنسانية والقانونية من إنشائها؟
ويأتي مُؤلفنا هذا لتتبع حالة التطور في منظومة القواعد الخاصة بالقانون الدولي الإنساني ونطاق نفاذها، وأهم المبادئ التي تقوم عليها، والإشارة إلى حالة التفرقة مع القانون الدولي الحقوق الإنسان، والفئات المحمية والمشمولة من قبل القانون الدولي الإنساني، والآليات المختلفة على المستوى المحلي والدولي الكافلة لتطبيقه وضمان استمراره، وكذلك مراحل تطور آلية المساءلة الجنائية الدولية من بداية المحاكمات الدولية التي عقدت بعد الحرب العالمية الثانية (نورمبرج، وطوكيو) إلى مرحلة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة (يوغسلافيا ورواندا)، وبروز المحكمة الجنائية الدولية الدائمة عام 1998، واستمرار حالة التأثير السياسي الواضح في إيجاد محاكم جنائية خاصة (كما في حالة لبنان).
يجد المتتبع لمراحل تطور القانون الدولي الإنساني أن هنالك فجوة قائمة ما بين النظرية والتطبيق، على الرغم من التزام بعض الدول في تطبيق قواعده، إلا أن حالة الازدواجية في المعايير والانتقائية، قد دفع الكثير من الدول وبشكل خاص الدول الفاعلة في النظام الدولي إلى انتهاك قواعده.
ويأتي مفهوم التدخل الدولي لاعتبارات إنسانية ليشكل فرصة من قبل الدول لتبرير موقفها من العدوان، ولجوئها إلى حالة الحرب لضمان السلم والأمن الدوليين، ويظهر ذلك من خلال دراسة التدخل الدولي في كوسوفو والعراق؛ مما أدى لمزيد من التناقضات والغموض في إمكانية نجاح القانون الدولي الإنساني في تعزيز جانب المصداقية من قبل دول العالم.
وتأكيداً للمقولة السابقة حول ضعف القانون الدولي الإنساني شهدت الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، رؤية واضحة لهذا التوجه من حيث القصور الكبير في حماية المدنيين فترة النزاعات، والاختلاف في التمييز بين ضرب الأهداف العسكرية والمدنية، على الرغم من التنديد الدولي بها، إلا أننا بحاجة إلى قطع أشواط كبيرة في ضمان تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني، وإيقاع العقوبة بحق من يرتكب انتهاكات لقواعده، والتأكيد على الجوانب القانونية والإنسانية بعيداً عن تأثيرات الاعتبارات السياسية وازدواجية المعايير.