أنت هنا

قراءة كتاب إسرائيل والقنبلة النووية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إسرائيل والقنبلة النووية

إسرائيل والقنبلة النووية

كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية  " ، تأليف أفنر كوهن ، ترجمة بدر عقيلي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 1

مقدمة

بدأت تباشير هذا البحث الذي أعرضه هنا عام 87-1988، خلال المقالة التي أعددتها بالتعاون مع بنيامين فرانكل، والتي طورنا خلالها مصطلح "الغموض النووي" بوصفه مصطلحا نموذجيا لوصف تصرفات مروجي وناشري الأسلحة النووية من الجيل الثاني. والغموض النووي يعني وضعا لا يتم خلاله التأكيد رسميا على حيازة السلاح النووي لدى دولة ما من قبل زعيمها، رغم أن الدلائل التي تشير إلى حيازة تلك الدولة للأسلحة النووية شديدة إلى الدرجة التي تؤثر على مفاهيم وأعمال دول أخرى، وقلنا في المقالة آنفة الذكر أن مصطلح "الغموض النووي" يعكس بصورة دقيقة الواقع السياسي الذي يمثله مروجو وناشرو الأسلحة النووية من الجيل الثاني، وذلك لتمييز الوضع القائم عن الوضع السابق والذي سادت فيه مصطلحات مثل: ضبابية نووية، "نشر سري" والتي استخدمت آنذاك لوصف نفس الوضع.

وفي عام 1989 حظيت بمنحة لإجراء بحث، من صندوق (جون د.وكاترين ط، مكارتور)، تحت عنوان "القنبلة الإسرائيلية غير المنظورة: ثقافة، وسياسة، وأساليب عدم النشر"، وذلك بغية إجراء بحوث حول المعايير الداخلية-السياسية والاجتماعية والثقافية-والمعايير السياسية والإقليمية والعالمية للغموض النووي الإسرائيلي، ومن الجدير بالذكر أن البحث الذي أجريته لم يكن يرمي لتوفير الخلفية التاريخية، لأنني اعتقدت بأنني لن أستطيع الحصول على الوثائق المطلوبة لذلك.

وفي أيار 1990 انضممت إلى مركز الأبحاث الدولي التابع للمعهد التكنولوجي في ولاية مساشوستس (MIT) كباحث ضيف، وشرعت بالاستعداد لبدء البحث، بيد أن مخططاتي سرعان ما تغيرت على أرضية اجتياح العراق للكويت، والأزمة التي ولدت على خلفية هذا الوضع، ونشوب الحرب الخليجية، وإنشاء الهيئة الخاصة للشؤون العراقية في الأمم المتحدة، واستئناف مسيرة السلام في الشرق الأوسط، لقد أسفرت جميع هذه التمخضات، والتي كانت لها علاقة وطيدة بالشرق الأوسط، عن تغيير اتجاهات بحثي.

وعندما عملت خلال السنوات 1991-1992 مديرا شريكا لبرنامج مركز الأبحاث الدولي حول "الرقابة على السلاح في الشرق الأوسط" كتبت ونشرت سلسلة من المقالات التي كانت ترمي لتقديم المساعدة في ترسيم السياسات النووية، وكذلك كتبت مجموعة من المقالات التحليلية في الصحف، ثم شرعت في إعداد كتاب بالتعاون مع مارفين ميلر من مركز الأبحاث آنف الذكر حول انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

وخلال عامي 1992، 1993 اتضحت لي مسألتان ذواتا علاقة بالبحث: أولا: اقتنعت بأهمية ضرورة فهم أساليب تطور الغموض النووي،وخرجت باستنتاج مفاده أن التاريخ النووي الإسرائيلي ليس فقط قضية تاريخية مثيرة، بل إنها أيضا تفرض العديد من الضرورات على عملية الرقابة على السلاح في الشرق الأوسط مستقبلا بالمفهوم الذي لا يصل إلى سبر غوره الكثير من زعماء الدول الباحثين دائما.ثانيا: اكتشفت أن المواد المؤرشفة بدأت تتسرب، إلى الدرجة التي يمكننا-بالاستناد إليها-إعادة بناء التاريخ السياسي والدبلوماسي لبرامج الأسلحة النووية الإسرائيلية، وعلى ضوء كل ذلك طرأ تغيير على بؤرة تركيز البحث الذي أجريه، وتوجهه، وبدأ يأخذ المنحى التاريخي بصورة رئيسية، وتمحور حول مصدر الغموض النووي الإسرائيلي وأساليب تطوره، أما الأسلوب فتمثل في استعادة المعالم التاريخية وتحليلها، أما المصادر فهي: مواد أرشيفية جرى السماح بنشرها، وشهادات تم الإدلاء شفهيا بها، وكتب مذكرات، ومقتطفات من الصحف.

ومن الجدير بالذكر أن قسما من المواد الأرشيفية التي عثرت عليها في الولايات المتحدة وإسرائيل والنرويج، تنشر هنا لأول مرة.

وعلى الصعيد الإسرائيلي، قام أرشيف الدولة في القدس-والذي يسمح بالاطلاع على جميع الوثائق بعد مرور ثلاثين عاما عليها-يكشف جميع أوراق وزارة الخارجية المؤرشفة بناء على الرمز (ق-ر) للسنوات ما قبل عام 1966، وهناك عثرت على غالبية الرسائل التي تم تبادلها بشأن الوضع النووي بين الرئيس الأميركي جون.ف،كيندي، ورئيسي الحكومة الإسرائيلية ديفيد بن غوريون وليفي أشكول.

وعثرت على مواد مفيدة أيضا في أراشيف إسرائيلية أخرى، الكثير منها من يوميات ورسائل بن غوريون التي تم رفع السرية عنها.

وفي أرشيف معهد وايزمن في رحوبوت عثرت على وثائق حول تاريخ شعبة الأبحاث النووية في المعهد،وحول الخصومات التي نشبت في مطلع الخمسينات بين مجموعة من الفيزيائيين النوويين الإسرائيليين وبين وزارة الدفاع، كما عثرت على مستندات ووثائق مختلفة ذات علاقة بمستشار بن غوريون للشؤون العلمية، والذي أسس اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية آرنست ديفيد برجمان.

أجريت القسم الآخر من البحث في الولايات المتحدة نظرا لأن الغموض النووي الإسرائيلي كان نتاجا للجهد الأميركي الإسرائيلي المشترك وقد تم مؤخرا، إلغاء قسم كبير من السرية التي كانت مفروضة على غالبية الوثائق والمستندات الأميركية المتعلقة بتطور الغموض النووي الإسرائيلي حتى عام 1970، وفي عام 1992 قدمت بالتعاون مع فرجينيه بورن من مؤسسة (كرنجي للسلام الدولي)، عددا من الالتماسات بناء على قانون حرية المعلومة (FIOA) للحصول على الرسائل التي تم تبادلها بين كيندي وبن غوريون، وبين كيندي وأشكول، وفي تشرين الثاني 1995 حصلنا على غالبية الوثائق المطلوبة، وهي تطرح هنا لأول مرة.

ومنذ آذار 1994 حصلت من جامعة ليندون ب.جونسون، في (أوستن) الواقعة في ولاية (تكساس) على معلومات مكثفة وشاملة حول الوثائق التي يرفع الحظر والسرية عنها، وفي عام 1995 حصلت على وثائق تم رفع السرية عنها.وتتعلق برد حكومة أيزنهاور على الديمونة، وإبان الزيارات العديدة التي قمت بها خلال عامي 1996، 1997 للأرشيف الوطني الأميركي في كلية بارك في الميريلند، عثرت هناك على معلومات جديدة حول الزيارات الأميركية للديمونة في الستينيات.

وإضافة إلى تمحيص المستندات والوثائق السرية التي تم رفع السرية عنها، تابعت التسلسل التاريخي النووي الإسرائيلي عبر حل الإلماحات والإرشادات حول المشروع النووي الواردة في المواد التي كانت تنشر، فكتاب رفائيل-سلطة تطوير المعدات الحربية-الذي أصدره مونيه مريدور والذي صدر باللغة العبرية، ولم يثر الكثير من الاهتمام كان يتضمن شهادات دافعة على تطوير إسرائيل لما وصفه الكتاب باسم "مرحلة المشروعات الكبيرة". ويمكننا أن نفسر قسما كبيرا من رواية مريدور كوصف من مصدر أول شديد الاطلاع على بداية تبلور الخطة النووية الإسرائيلية-مونيه م.مريدور، رفائيل/تل أبيب-وزارة الدفاع عام 1981.

لقد أكثر شمعون بيرس بمرور السنين من التحدث والكتابة ملمحا بالرموز إلى دوره في البرامج النووية الإسرائيلية، وقد أبدى بيرس في مذكراته التي نشرها عام 1995 صراحة أكبر وأسهب في التحدث عن دوره كمدير رئيسي للمشروع فقال: "لقد كانت مسؤوليتي تتمثل في اتخاذ القرار حول ما يجب فعله وما لا يجب فعله". ورغم أن روايته كانت انتقائية، إلا أنها كانت تحمل شهادة من الشخص الذي أدار المشروع في تلك الفترة الحرجة التي كان آخذا في التبلور خلالها.

وإزاء عدم إمكانية الوصول إلى ملفات اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية، ولسجلات وزارة الدفاع، ووثائق مكتب رئيس الحكومة في الشؤون النووية-ولبروتوكولات جلسات الحكومة وما شابه، فإنه لا نزال نفتقر إلى الأدلة الحيوية لمساق اتخاذ القرار الإسرائيلي، فالكثير من القرارات السياسية الإسرائيلية الهامة لم توثق كما يجب، والكثير من القرارات اتخذت في ظل السرية التامة في الجلسات التي شاركت فيها شخصيات قليلة-مثلما أفادت شلهيبت فريار مدير عام لجنة الطاقة النووية 67-1970 والملحق العلمي الإسرائيلي في فرنسا 56-1960، خلال اللقاءات التي أجراها معها المؤلف:ولا شك أن هذا الوضع يعتبر بمثابة قيد كبير يكبل يدي الباحث، وقد حاولت التغلب على هذه المشكلة بإجراء لقاءات مع أكثر من مائة وخمسين شخصية معروفة، في إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، ورغم أن هذه المقابلات أسفرت عن نتائج هامة، إلا أنني أدرك تماما مدى محدودية التاريخ الشفهي.

الصفحات