أنت هنا

قراءة كتاب إسرائيل والقنبلة النووية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إسرائيل والقنبلة النووية

إسرائيل والقنبلة النووية

كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية  " ، تأليف أفنر كوهن ، ترجمة بدر عقيلي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 2

مدخل

بات من البديهي لدى الكثيرين منذ سنوات السبعينات الاعتقاد بأن إسرائيل مسلحة بأسلحة نووية، بيد أن البرامج النووية الإسرائيلية غارقة في ستار كثيف من الغموض ومحاطة بالسرية التامة، وتحتاج كل خطوة بشأنها إلى تصديق رسمي، ومعزولة عن السياسة الإسرائيلية الداخلية، ترى كيف ولدت سياسة الغموض الإسرائيلية؟ وكيف وأين ولدت؟

لقد بدأت إسرائيل في تطوير برامجها النووية بصورة جدية قبل أربعين سنة عندما أنشأت بؤرة بنيتها النووية في ديمونة، وخلال عامي 66-1967 استكملت تطوير سلاحها النووي الأول، وعشية نشوب حرب 1967 كان بحوزتها مقدرة نووية مبدئية عاملة-مثلما يقول وزير العلوم السابق يوفال نئمان في كتابه "إسرائيل في عهد الأسلحة النووية تهديدات وردع يتجاوز عام 1995"، وفي عام 1970 كانت مكانة إسرائيل كدولة تمتلك أسلحة نووية قد باتت مسلمة مقبولة-مونيه م.مريدور-رفائيل، تل أبيب، وزارة الدفاع 1981.

لقد كانت إسرائيل بمثابة الدولة السادسة في العالم، والأولى في الشرق الأوسط، التي تمتلك سلاحا نوويا، بيد أن مسلكيتها كانت تختلف عن مسلكية الدول الخمس الأخرى التي سبقتها في هذا المضمار، فهي لم تقر أو تؤكد حتى يومنا هذا وجود أسلحة نووية بحوزتها، وقبل حوالي ثلاثين سنة، وبينما كانت إسرائيل تبذل قصارى ما بوسعها لتطوير سلاحها النووي، أعلن رئيس الحكومة ليفي أشكول أن إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي ستدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط، وقد تمسك جميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية الذين تلوه بهذه السياسة، وهكذا بقي موقف إسرائيل النووي غامضا.

ويجب علينا أن نميز دائما بين الموقف النووي الغامض والموقف الضبابي، لقد أوضحت أنا وبنيامين فرانكل الفارق بين الغموض والضبابية في المقال الذي نشرناه عام 1988 على النحو التالي:

الموقف الضبابي: هو المصطلح الذي يستخدم في غالبية الحالات التي نتطرق فيها للدول الناشرة للسلاح النووي، وقد تم استخدامه للإشارة إلى المسلكيات المشبوهة على الصعيد النووي مهما كانت نوعية هذه المسلكيات، وتكمن المشكلة في استخدام هذا المصطلح في إمكانية تفسيره في صورتين: الأولى:هناك علامات شكوك ما، والثانية: هناك مفهومان مختلفان، وأكثر، لذا بالإمكان استخدام هذا المصطلح فيما يتعلق بتوزيع أو نشر الأسلحة النووية، للإشارة إلى حالتين مختلفتين من الضبابية يمكن لإحداهما أن تكون قريبة من الأخرى، ففي الحالة الأولى يكون هناك عدم تأكد حقيقي-أي انعدام وجود معلومات كافية حول الوضع النووي الفني للدولة موضع البحث، وفي هذه الحالة يكون مغزى الضبابية عدم وضوح فيما يتعلق بمدى التقدم الفني للبرامج النووية المذكورة، ويمكننا القول أن الأرجنتين والبرازيل هما نموذجان لهذا الوضع الضبابي.

وفي الحالة الثانية، يتعلق الوضع الضبابي في الحيرة-الناجمة عن وضع سياسي أو عسكري، أو تربوي-التي يبديها زعماء هذا البلد أو ذاك تجاه الأسلحة النووية، ويمكننا أن نعثر على مثل هذه الحيرة في دول بات من المعروف لدى الكثيرين أن لديها برامج أسلحة نووية.

وإسرائيل هي نموذج مثالي للغموض النووي، والغموض كان بمثابة الأسلوب الذي اختارته إسرائيل لمواجهة التوترات والمشاكل المرتبطة بحيازة أسلحة نووية، والغموض النووي هو وضع لا يجري فيه الإقرار أو الاعتراف رسميا بحيازة الدولة مقدرة نووية، رغم إدراك وجود مثل هذه المقدرة بصورة تؤثر على مفاهيم دول أخرى وأعمالها، وبذلك يكون مفهوم الغموض أوسع من مصطلح الضبابية النووية.

وهذا الكتاب يصف التاريخ السياسي للبرامج النووية الإسرائيلية في سنوات تبلورها، ويوثق مصادر وتطور سياسة الغموض النووية الإسرائيلية .

لقد تطورت سياسة الغموض النووية الإسرائيلية في غضون السنوات الثلاثين الماضية إلى استراتيجية أمن وطني، ويعتبرها الكثير من الإسرائيليين سياسة ناجحة تتناسب وتعقيدات الوضع الأمني الإسرائيلي المتفرد، ورغم ذلك يمكننا القول أن سياسة الغموض لم تكن سياسة محسوبة مسبقا، بل لقد ولدت ونمت بأساليب ملتوية ومتداخلة في إطار محاولة العثور على رد للاحتياجات والضغوط التي مورست على إسرائيل على مستويات مختلفة.

ويمكننا القول أن هذا التطور لسياسة الغموض النووي قام على أربعة أركان تاريخية من منتصف الخمسينات وحتى عام 1970، وهي:السرية، والنفي، والضبابية، والغموض.

ويمكننا أيضا أن نضع لهذه السياسة أربعة مصادر هي: الوضع الداخلي، والدولي، والإقليمي، والمفاهيم الفنية.

الصفحات