أنت هنا

قراءة كتاب إسرائيل والقنبلة النووية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إسرائيل والقنبلة النووية

إسرائيل والقنبلة النووية

كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية  " ، تأليف أفنر كوهن ، ترجمة بدر عقيلي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 7

آرنست ديفيد برجمان

لم يكن الالتزام الذي قدمه الزعماء السياسيون الإسرائيليون كافيا لتمكين دولة صغيرة وشحيحة الموارد كإسرائيل من بناء مشروع نووي في سنوات الستينات وفي منتصف الخمسينات، فقد كانت هناك ضرورة لتوفر كادر علمي وتنظيمي قادر على وضع البرامج والأهداف والاستراتيجيات وتحديد المهام، والميزانيات المالية، وتجنيد العلماء والإداريين، والإشراف على عملية التنفيذ، ولا شك أن توفر كل هذه الأمور، يعتبر بمثابة الفارق بين رغبات وأمنيات الزعيم، وبين تنفيذ مشروع نووي واعد.

كان هناك لبن غوريون منذ البداية مساعدان أمنيان ومخلصان: آرنست ديفيد برجمان، وشمعون بيرس، وكان بن غوريون يقدم الصلاحيات الرسمية والالتزام في حين قدم برجمان وبيرس الجهد والحماس اللذين كانا قادرين على تحويل الرغبة إلى واقع حقيقي.

وصف إسرائيل دوستروبكسي الذي خلف برجمان في مطلع عام 1966 الدور الذي لعبه برجمان على النحو التالي: "كانت شخصية البروفيسور برجمان-المستشار الرئيسي لبن غوريون في هذه المسائل-حيوية، ويخيل لي أن بن غوريون كان يأخذ بآرائه بدون أية تحفظات، ولهذا السبب، كان كل قرار يطرح يجب أن يحصل على تأييد برجمان، وإذا ما اقتنع بقيمته كان بن غوريون يوافق عليه فورا".

عمل برجمان طيلة خمس عشرة سنة-قبل أن يبدأ العمل مع بن غوريون-تحت رعاية حاييم وايزمن الكيميائي الشهير، وخصم بن غوريون في إدارة الصهيونية، وقد كان برجمان كيميائيا عضويا شابا حينما طرده الألمان من جامعة برلين عام 1933 فعينه وايزمن رئيسا لمعهد الأبحاث (دنيئيل زيف) الذي تم تأسيسه للتو في رحوبوت-والذي تم دمجه عام 1949 في معهد وايزمن للعلوم حينما أُسّس.

وعندما عاد برجمان إلى فلسطين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عاد لمزاولة عمله كمدير لمعهد زيف، وتطلع الكثيرون لرؤيته رئيسا للمعهد خلفا لوايزمن، بيد أن العلاقات بين برجمان ووايزمن وصلت إلى نهاية مؤسفة بسبب الخلافات الشخصية التي نشبت بينهما على أرضية إدارة برجمان للمعهد، وقد انجذب برجمان إلى بن غوريون في نهاية الأربعينات بسبب إيمان بن غوريون الشديد بأن مستقبل إسرائيل رهن باستغلال العلم والتكنولوجيا.

وفي آب 1948 عين بن غوريون برجمان رئيسا للشعبة العلمية في الجيش الإسرائيلي، وفي الخامس عشر من تموز 1951 أصبح مستشارا لوزير الدفاع، وفي مطلع 1952 عين رئيسا للأبحاث في شعبة الأبحاث والتخطيط التي تم إنشاؤها في وزارة الدفاع، ورغم كل هذه المهام واصل برجمان تدريس الكيمياء في الجامعة العبرية، وفي حزيران 1952 تم تشكيل اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية سرا، ووضع برجمان على رأسها، وقد مارس وظائفه الثلاث آنفة الذكر حتى استقالته في نيسان 1966.

كان برجمان يشاطر بن غوريون الرأي في أن المحارق النازية تبرر أية خطوة تتخذها إسرائيل لضمان وجودها، وقد عقب برجمان على ذلك بالقول: أنا على قناعة تامة من أن إسرائيل في حاجة لخطة أبحاث أمنية خاصة بها، كي لا تقاد بعد ذلك أبدا كما يقاد الحمل إلى الجزار".

وفي الرسالة التي بعث بها برجمان عام 1966 لمائير يعري زعيم حزب اليسار (مبام) والذي عارض فكرة الأسلحة النووية، أوضح له أن انتشار الأسلحة النووية بات أمرا يستحيل منعه، وأن من المحتمل أن تصل العديد من الدول بما فيها دول عربية إلى المقدرة النووية، وقال: أشعر بالدهشة لأن شخصا مثلك على استعداد لأن يغلق عينيه ويسد أذنيه، ويعتقد أن الواقع سيكون مثلما ترغب في أن نراه، ولست أعتقد أن هناك إسرائيليا لا يخاف نشوب حرب نووية، ولا يأمل في أن يسيطر التعقل على عالم الغد.

بيد أنه لا يجب علينا أبدا أن نستبدل المعلومات المؤكدة، والتقديرات الجامدة للواقع كما هو بالآمال والأمنيات، وأنا لا أستطيع أن أنسى أن نكبة المحارق في الحرب العالمية الثانية هبطت على رؤوس الشعب اليهودي بصورة مفاجئة، ولا أعتقد أن الشعب الإسرائيلي يمكنه أن يسمح لنفسه مرة أخرى بالإغراق في هذه الأوهام".

ويقول شمعون بيرس: كان حماس برجمان لا يروق للكثير من العلماء الآخرين، والذين كانوا يشكون في بعض الأحيان في مدى اتزان رأيه، وقد تبدت ميوله للتوسع في الحديث حول القضايا العلمية التي لا يفهمها فهما كاملا في التقرير الذي أعده حول المؤتمر النووي من أجل السلام الذي عقد عام 1955، فعندما وصل في التقرير إلى مرحلة قضية "الصهر النووي المسيطر عليه" قال: إن الرأي السائد ينص على أن إحدى الإمكانيات للحصول على الحرارة العالية اللاذعة لإحداث سلسلة ردود الفعل الحرارية النووية، تتمثل في الدمج بين عدة عبوات مفرغة من المواد المتفجرة، وبالمناسبة أود القول أننا نفكر في هذا الخيار منذ سنتين" وقد أبدى العلماء الإسرائيليون الثلاثة المشاركون في الوفد الإسرائيلي للاجتماع انزعاجهم من هذه الأقوال، وطالبوه بشطبها، وغزوه قائلين: نحن نعرف لأول مرة أننا نفكر في هذا الخيار منذ سنتين:

لقد قاد برجمان نشاطات إسرائيل في المجال النووي منذ عام 1948 وحتى عام 1955، وهو الذي أنشأ لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية عام 1952، ووضع الأسس الأولية لعملها، بيد أن تسلطه في اللجنة أدى إلى دفع العلماء نحو معهد وايزمن حيث شكلوا طاقما مناوئا له، وقد بدأ دوره يتضاءل كلما بدأ المشروع النووي الإسرائيلي يتكامل، فهو لم يكن مديرا جيدا، ويبدو أنه كان يتجاهل كليا التقديرات الاقتصادية.

وعلى عهد ليفي أشكول تقلص دوره أكثر، ولم يعد يحظى بالثقة والصلاحيات التي كانت له على عهد بن غوريون، وفي حزيران 1964 قدم استقالته إلى أشكول لكن أشكول رفضها وأبقاه في مهمته، ثم انضم إلى بن غوريون وبيرس اللذين شكلا حزب رافي، الأمر الذي قطع صلته تماما بأشكول، لذا عندما قدم استقالته إليه في الأول من نيسان 1996، قبلها فورا.

الصفحات