أنت هنا

قراءة كتاب الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم

الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم

كتاب " الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم " ، تأليف هشام أبو حاكمة ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر وال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 9

الأساطير والعهد القديم

إذا كان من المؤكد أن الأسطورة لا بد وأن تكون ذات مبعث ديني ، فإن العهد القديم ، والذي يعتبر كتابا دينيا ، وليس تاريخيا ، مليء بالأساطير التي لها ارتباط وثيق بهذا المبعث الذي كان سببا في وجودها وخلودها .

لقد حرص كتبة العهد القديم على صياغة هذه الأساطير في قالب ديني ، وإيجاد علاقة وثيقة بينهما ، اعتقادا بأن إيمان الشعوب بالأحداث التي لها علاقة بالأمور الدينية يكون أكثر من غيرها . ونظرا لأنهم كانوا لاهوتيين وليسوا مؤرخين ، لهذا كانوا ينظرون إلى التاريخ من الزاوية التي تحقق لهم ما يهدفون إليه ، أي من الزاوية الدينية فقط .

وقد ساعد العهد القديم على حفظ الأساطير الإسرءيلية ، من خلال تدوينها وترتيبها وفهرستها ، وربطها مع بعضها البعض ، وجعلها منهاجا متسلسلا.

كما نجد أيضا أن العهد القديم في كل مرة يتناول فيها حدثا ما ، يعتمد على الفعل الإعجازي ، حيث يتطلب القيام بهذا الحدث فعلا إعجازيا من البشر ، كما حصل في مقتل جالوت من قبل داود عليه السلام بحجر من مقلاعه . وليس من الغريب أن يلجأ كتبة العهد القديم إلى استبدال العنصر البشري ، بعنصر إلهي للقيام بهذا الحدث ، معتبرين أن ذلك الحدث يقع خارج نطاق الإمكانية البشرية ، مما يستدعي تدخل الآلهة ، وبطريقة أخرى تدخل العامل الديني في تنفيذ ذاك الحدث ولهذا نرى تدخل الإله ( يهوه ) في كثير من الأمور شيئا مألوفا في أساطير العهد القديم ، فما أن يصادف القائد ،أو الكاهن ، أو الملك ، معضلة ولا يستطيع حلها ، يتدخل الإله يهوه ، وتنتهي المشكلة . ويقينا فإن الهدف من وراء ذلك إنما هو ترسيخ المفهوم الديني لدى الأفراد ، وأنه لا مناص من الاعتماد على الإله يهوه في كل أمور الحياة .

فالإله ( يهوه ) هو الذي ساعد بني إسرءيل على الخروج من مصر ، ويهوه هو الذي كان يمشي أمامهم نهارا في عمود من سحاب ، وليلا في عمود من نار يضيء لهم الطريق . وهو الذي جعل يشوع ينتصر في حروبه المزعومة . وهو الذي نصر القاضي جدعون ، وهزم شاؤول لأن أحد جنوده خالف تعاليمه ( يهوه ) . وكثيرا ما نجد المؤلفين يزعمون أن ( يهوه يقول . . . ) و ( يهوه يتكلم . . . ) و ( يهوه يطلب . . . ) و ( يهوه يختار . . . ) .

ولا شك أن من أهم مبادئ الأسطورة الناجحة هو الاعتماد على الأسماء ذات المكانة البارزة ،والقدرة الخارقة ، كأن يكونوا أنبياء ، مثل يعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان عليهم السلام .أو كما في أسطورة النبية دبورة التي تتحدث باسم الرب . أو يكونوا من أصحاب القوة مثل ( شمشون ) . أو أن يكونوا كهنة مثل أبياثار الكاهن .

وليس من الضرورة أن تتبع الأسطورة التسلسل المنطقي في سرد حوادثها ، بل كثيرا ما تلجأ إلى اتباع ما يراه قائد الأسطورة مناسبا ، وهذا ما نجده غالبا على أحداث العهد القديم الأسطورية .

ومن الأمور المهمة التي تركز عليها أساطير العهد القديم كثيرا ، هي ( الإله والطاعة ) ، فكثير من هذه الأساطير تقع بسبب مخالفة الإله ( يهوه ) . وإذا كان من الأهداف الأساسية للعهد القديم هو تأكيد أن شعب بني إسرءيل هم ( شعب الله المختار ) حسب تفسيرهم لهذا المفهوم ، ونتيجة لهذا الاختيار فقـد وعدهـم بالأرض المقدسة ، ولمحبة الله لهم ، فقد ميزهم عن غيرهم وجعلهم شعبا مختارا ،وسمح لهم بطرد الشعوب الأخرى ، وحتى إبادتها إن لزم الأمر، ليعيش الشعب المختار في رغد العيش ونعيمه . وبالطبع فإن ذلك يتطلب إطاعة أوامر الإله يهوه ، واجتناب نواهيه .

وكذلك فإننا نجد بعض أساطير العهد القديم ، ليس لها زمن محدد ، ولا مكان يستدل عليها به . فالخروج من مصر لم يعرف في عهد أي من الملوك قد تم ، وملكة سبأ وما يحيط بها غموض لا زال لم يتضح بعد .

إن العالم الأسطوري الذي يتحدث عنه العهد القديم ليس له مثيل في الواقـع التاريخي لبني إسرءيل . إنه عالم اختلقه الكتبة لدعم ادعاءاتهم وأكاذيبهم في الأمور التي تحدثوا عنها .

ويقينا فإن الوضع اللامنتمي الذي كان يعيشه بنو إسرءيل في بابل ، حيث لا أصول عرقية معروفة لهم ، ونظرا لاختلاطهم مع غيرهم من الشعوب ، فقد دفعهم ذلك إلى اختلاق أصول عرقية لهم ، تتحدث عن الآباء الأوائل ، والذين هم حقا لا ينتسبون إليهم ، وذلك من أجل الرد على الآخرين ، ومحاولة إلى إزالة الشكوك التي تحيط بأصولهم العرقية . وقد دفعهم ذلك إلى وضع أساطير الآباء الأوائل المزعومين في مقدمة كتابهم المزعوم ، حرصا على أهمية هذا الادعاء بالنسبة لهم ، مع تلفيقهم الوعود الكاذبة ، والتي اعتبروها قطعية التاريخ والاستحقاق ، على اعتبار أنها وعود إلهية لشعب مختار ( شعب إسرءيل ) .

الصفحات