أنت هنا

قراءة كتاب ضريبة هوليود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ضريبة هوليود

ضريبة هوليود

كتاب " ضريبة هوليود " ، تأليف أحمد دعدوش ، والذي صدر عن دار الفكر للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

مع اندلاع حرب 1967 تكثفت جهود هوليود لدعم إسرائيل بمختلف الوسائل الممكنة، ففي فيلم (جوديث) للمخرج (دانييل مان) تُشوّه صورة السوريين إلى درجة تجعل البطل الألماني الهارب إلى سورية من الاضطهاد النازي يتحسّر على الأيام الخوالي التي قضاها في ألمانيا. ولم يكتف صهاينة هوليود بدعم كيانهم المزروع على أرض فلسطين من خلال أفلامهم، بل قام بعضهم، بقيادة (جيري لويس)، بتنظيم مظاهرات تؤيد الكيان الصهيوني خلال الحرب، ورفَعوا خلالها شعاراً في غاية الوضوح: "ادفع دولاراً.. تقتل عربياً"! كما توسعت جهود هوليود لدعم الكيان الصهيوني سياسياً، إذ لا يمكن أن نعزو الأمر إلى المصادفة عندما نعلم أن رئيس وكالة المواهب المسرحية والأدبية في هوليود (مارفن جوذفسون) هو رئيس لجنة العمل السياسي في منظمة العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية (إيباك) والتي دشنها نجم الكوميديا اليهودي (وودي آلان)، خصوصاً أنه أطلق أول نداء لجمع التبرعات في أمريكا من أجل مناصرة قضايا اليهود[3].

في منتصف السبعينيات، ومع اكتشاف فظاعة الجرائم الصهيونية في فلسطين لم يعد من الممكن الترويج لصورة اليهودي الهارب إلى أرض الميعاد من البطش النازي، فتحول الاهتمام إلى تشويه صورة العدو وترويجها في إطار الإرهاب بالتوازي مع صورة البطل الصهيوني الذي لا يقهر، ومن أهم نماذج هذه المرحلة فيلم (البرعم) المنتج عام 1975[4]. ولم ينته عقد الثمانينيات حتى أُنتج نحو ثلاثين فيلماً لترسيخ هذه الصورة النمطية للمسلم الإرهابي في أعماق اللاوعي عند المشاهد الغربي[5].

تزامن هذا التشويه مع أعمال نضالية نفذها بعض العرب والمسلمين وحملت طابعاً دولياً، مثل عملية الهجوم على الفريق الإسرائيلي في دورة الألعاب الأولمبية في ميونخ عام 1972 من قبل منظمة أيلول الأسود المنشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، والتي استلهمت منها هوليود أفلاماً كثيرة بدءاً من فيلم (الأحد الأسود) عام 1976 وصولاً إلى فيلم (ميونخ) عام 2005، ومثل اختطاف السفينة (أتيل لاورو) عام 1985 ومقتل المليونير اليهودي (كلينجوفر) على أيدي المختطفين الفلسطينيين، وهو الذي أصبح بعد مقتله شخصية محورية لعدد من الأعمال الفنية. وكذلك عملية اختطاف طائرة العال الإسرائيلية في مطار عنتيبي في أوغندا[6]، والتي أعيدت صياغتها مباشرة في هوليود من خلال ثلاثة أفلام شهيرة. هذا بالإضافة إلى حركات الانتفاضة والصراع في لبنان وحروب الخليج والصومال وأفغانستان وباكستان وغيرها من الأحداث التي لا تكاد تتوقف في هذه المنطقة المستهدفة من العالم، وهي الأحداث التي سرعان ما تنتقل إلى استوديوهات هوليود لإعادة إخراجها في أعمال سينمائية وتلفزيونية ومسرحية يشاهدها العالم كله، ولا يظهر فيها إلا الجانب الذي يوافق هوى الطرف الأمريكي- الإسرائيلي، في حين يرمى بالحقيقة إلى عالم النسيان. وهكذا؛ ومع أن الصور النمطية المسيئة لليهود في الأدب والمسرح الأوربيين طوال عدة قرون كانت مترسّخة، فقد نجح الصهاينة وبسرعة قياسية في قلب الطاولة في وجه العالم الغربي وتقديم إسرائيل المعصومة عن الخطأ إحدى أهم المسلّمات المتفق عليها في هوليود، التي لا يمكن خرقها تحت أي مسوّغ كان، وإذا كان أفلاطون قد أعلن في القرن الرابع قبل الميلاد أن «الذين يحكون القصص هم الذين يتحكمون في المجتمع» فمن المقبول إذن تفهّم الدور الذي يؤدّيه اليوم صنّاع السينما والإعلام في التحكم بالرأي العام العالمي.

في بداية العقد الأخير من القرن العشرين شهد العالم أحداثاً كبرى غيرت مجرى التاريخ، فبعد سقوط القطب الشيوعي توجهت أنظار الغرب إلى الإسلام بصفته العدو الأول في ساحة الصراع الاستراتيجي، وتزامن ذلك مع اندلاع حرب الخليج الثانية وإعلان الولايات المتحدة سيادتها على النظام الدولي الجديد. في الوقت نفسه حقق تطور التقنيات السينمائية قفزات قياسية، وأحسنت هوليود استغلالها في إنتاج العديد من الأفلام الضخمة التي واصلت مهمة تنميط صورة (الإرهاب الإسلامي) بما يتناسب مع تطورات المرحلة، ومن أشهر هذه الأفلام فيلم (أكاذيب حقيقية) سنة 1994 وفيلم (الحصار) سنة 1998.

الصفحات