كتاب " صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا) " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

صورة المجتمع الأندلسي في القرن الخامس للهجرة (سياسيا واجتماعيا وثقافيا)
وفي ذلك قال ابو عامر ابن شُهيد ([58]): -
بكى اسفا للبين يوم التفرق
وقد هون التودع بعض الذي لقي
وما للذي ولي به البين حســـــــرة
بكيت, ولكن حسرة للذي بقي
واعلن علي بن حمود نفسه خليفة للمسلمين مستفيدا من الدعوة العلوية وانتسابه الى حسن بن علي بن أبي طالب, رغم بربريته, فتلقب بالخليفة الناصر, واظهر احسن عشرة لمدة ثمانية اشهر,وعامل عتاه البربر بقسوة, وجلس بنفسه للمظالم, وسلكت السبل, الى ان ظهر المرتضى بشرقي الاندلس مناديا نفسه خليفة للمسلمين, فانقلب سريعا ونشر الظلم والتنكيل (( وانصرف الى حزبه البربري فاثره.. وصب على اهل قرطبة ضروبا من التنكيل والمغارم وانتزع السلاح منهم, وهدم دورهم, فلزموا البيوت وتطمروا في بطون الارض, حتى قل بالنهار ظهورهم وخلت اسواقهم )) ([59]).
ولابن شهيد قصيدة في عهده الاول:
فريق العدا من حد عزمك يفرق
وبالدهر مما خاف بطشك اولق
عجبت لمن يعتد دونك جُنّة
وسهمك سعد والقضاء مفــــــوّق([60])
ووصفه ابن بسام بقوله ((وكان الاغلب عليه.... السخاء والشجاعة على عطولة من الفهم والمعرفة وبراءته من الخير جملة )) ([61])
وفي ذي القعدة سنة 408 هـ تاَمر عليه ثلاثة من عبيده وقتلوه في الحمام, واجمعت الزناته من حينهم الى اخيه القاسم صاحب اشبيلية في تلك المرة وبويع بالخلافة وتلقب بالمأمون, اما المرتضى عبد الرحمن بن محمد الذي ثار في عهد علي بن حمود في شرق الاندلس بمبايعة الموالي, ومنذر بن يحيى التجيبي صاحب سر قسطة وخيران العامري صاحب المرية, تأهب في عهد القاسم للدخول الى قرطبة ولكنه سار الى غرناطة والتقى بصاحبها زاوي بن زيري الصنهاجي وغدر به خيران ومنذر فانهزم وقتل([62]) وقال في ذلك ابن الحناط:
تقدم خيران اليها بزعمه
ليدرك ما قد فاته من ذُحوله
فلما التقى الجمعان عاود رأيه
فخلى لبعض الهول جل فضوله
وولى وابقى منذرا من ورائه
يقيم لأهل الغدر عذر نكــــــوله ([63])
واظهر القاسم الامان والرفق بالناس. وتكلف في اتخاذ السودان وقيادتهم على اعماله مما ضعف امره وتسلط البرابرة عليه, فثار عليه ابنا اخيه يحيى بن علي القائم على سبته وادريس بن حمود القائم على مالقة, وجاز يحيى البحر وجمع له جمعا كبيرا من البربر, فلما راى القاسم عجزه عن المقاومة خرج من قرطبة الى اشبيلية في ربيع الثاني سنة 412 هـ واعلن يحيى نفسه خليفة للمسلمين وتلقب بالمعتلي ([64]) ((وسلك سبيل والده في التحقق بالفروسية والحب لركض الخيل والخروج للقنص وتنكب ما سوى ذاك من مذموم اخلاق ابيه ومكروه سيرته, فجانب
العصبية.... وقصر امام زناتة من البربر, ففر الى مالقة وجئ بعمه القاسم بن حمود الى قرطبة مرة ثانية سنة413 هـ )) ([65])
وبعد شهور قامت ثورة شعبية في المدينة ضد البرابرة بعد ان ضاقوا بهم ذرعا, فقتلوا منهم قتلا ذريعا, فارتحلوا عن قرطبة وخرج القاسم الى شريش ورجع عنه البرابرة الى اخيه يحيى الذي ملك مالقة والجزيرة الخضراء, وزحف الى عمه القاسم وحبسه الى ان مات فيما بعد سنة 427هـ ([66]) .
و اجتمع اهل قرطبة و فرض عليهم عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار شقيق المهدي و بايعوه في رمضان 414هـ ولقبوه بالمستظهر([67]) في عهد لم تكن سلطة الخلافة تتجاوز مدينة قرطبة مع خزينة خاوية ومدينة بائسة وقال عنه ابن حيان ((كان هذا لبقا ذكيا واديبا لوذعيا....... وعلى حداثة سنه ذكيا يقظا لبيبا اديبا, حسن الكلام جيد القريحة, مليح البلاغة يتصرف فيما شاءه من الخطابة بديهة وروية ويصوغ قطعا من الشعر مستجادة.... يزين ذلك بطهارة اثواب وعفة وبراءة من شرب النبيذ سرا وعلانية..... )) ([68]) ومن ادبه ان شاعرا رفع اليه في بيعته شعرا كتبه في مبشور واعتذر منه قائلا:-
الرق مبشور وفيه بشارة
ببقا الامام الفاضل المستظهر
ملك اعاد العيش غضا شخصه
وكذا يكون به طوال الادهر
فأجزل صلته ووقع على ظهر رقعته بهذه الابيات:-
قبلنا العذر في بشر الكتاب
لما احكمت من فضل الخطاب
وجدنا بالجزاء بما لدينا
على قدر الوجود بلا حساب
فنحن المنعمون اذا قدرنا
ونحن الغافرون أذى الذئاب
ونحن المطلعون بلا امتراء
شموس المجد من فلك الثواب([69])