أنت هنا

قراءة كتاب أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

كتاب " أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

تعليم الدين

إذا كان التعليم الديني نظام تعليم مستقل مواز للتعليم العام، فإن التعليم العام نفسه احتفظ على مادة ضمن المنهاج الدراسي متعلقة بتعليم أساسيات الدين، أطلقت عليها أسماء متعددة منها: الدين – الأخلاق – التربية الدينية (مصر ولبنان) – التربية الإسلامية (المغرب والجزائر وتونس وأغلب دول الخليج) – التربية الإسلامية والمدنية (موريتانية) – الفكر الإسلامي، التفكير الإسلامي (تونس مؤخراً) وتهدف إلى تزويد المتعلم بأساسيات الأخلاق والقيم والأحكام الشرعية التي تهمه في حياته الفردية والاجتماعية، وتشتمل مناهجها في الغالب على أساسيات العقائد والعبادات والمعاملات مع مبادئ في العلوم الشرعية وتعريف بمدارس الفكر الإسلامي من مرحلة التعليم الابتدائي إلى نهاية الثانوية العامة.

وقد ظلت هذه المادة تتقاسم الحصص الدراسية مع مادة اللغة العربية، ويدرسها معلمو اللغة العربية، إلى أن استقلت بنفسها بحصة ضعيفة في الغالب الأعم دون أن تكون مدرجة في الاختبارات العامة، ثم أدرجت في مواد الاختبارات بصفة رسمية.

وحديثنا عن (تدريس الدين) بهذا المصطلح هو حديث من برامج ومناهج هذه المادة الدراسية وطرق ووسائل تدريسها وتقويمها وتكوين مدرسيها، وغير ذلك من الإشكالات التي تعرفها في ذاتها وفي علاقتها بباقي المواد الأخرى المكونة للمنهاج التعليمي.

إدماج القيم الدينية في المناهج التعليمية

وهذا تجل آخر من تجليات هذا الموضوع، إذ لايتعلق الأمر هنا بالتعليم الديني ولا بتعليم الدين، إنما يتعلق الأمر باعتماد الدين كقيم مرجعية تحكم المنظومة التربوية وتدمج بشكل انسيابي في محتويات وأنشطة مختلف المواد الدراسية، وقد كانت القيم حاضرة في المنظومة التربوية الإسلامية على مر التاريخ، إذ تحدثت المصادر عن آداب العالم والمتعلم وأخلاق العلم والمقاصد التعبدية للتعلم[11]، إلا أن هذا الحضور كان يشمل إلى جانب الأخلاق التربوية الحاكمة للمحيط التربوي والتعليمي، وجود روح القيم الإسلامية في محتوى كل العلوم المدرسة باعتبار المقصد الأسمى للتعلم وهو معرفة الخالق وسياسة الكون بمبدأ الاستخلاف.

إلا أن واقع تعليمنا المعاصر اختلفت فيه الغايات والمقاصد؛ حيث ضمر المقصد الاعتقادي والتعبدي، وحضرت القيم النفعية المرتبطة بسوق الشغل والتنمية بمفهومها الاقتصادي الضيق، وانحسرت المقاصد التعبدية في مادة دراسية معينة هي مادة (التربية الإسلامية).

وقد أثارت كثير من الدراسات والأبحاث وعالجت كثير من المؤتمرات إشكال الانفصال بين القيم والمعرفة في المنظومة التعليمية، مما أثر في بناء مقاصدها، وانعكس على استراتيجيات إعادة صياغة المنظومات التربوية في البلدان الإسلامية، فاهتمت كثير من المنظمات الإسلامية الدولية بالموضوع كالهيئة الإسلامية العالمية للتعليم التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو بالرباط، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، وغيرها من المنظمات العاملة في حقل التربية والثقافة، فصاغت له تصورات نظرية وتطبيقات عملية، إلا أن عملية إدماج القيم الإسلامية في مختلف المواد الدراسية كمطمح يصطدم بعقبات فكرية ترتبط أساساً بالمعارضة التي يلاقيها المشروع من طرف الداعين إلى علمنة التعليم في العالم العربي والإسلامي، وكذا من الناحية العملية التي تتطلب جهوداً كبيرة لتكوين واضعي المناهج ومؤلفي الكتب المدرسية والمدرسين على طرق وآليات إدماج القيم في المواد الدراسية وخضوع عملية الإدماج لعملية التقويم والتتبع والتطوير المستمر.

وموضوع بهذا السعة والأهمية يشكل أزمة من الأزمات التي نجد أنفسنا معنيين بها في هذا الكتاب، إلا أن مقاربتها يفرض رؤية وقواعد خاصة[12]، تتمايز عن رؤية معالجة قضايا "التعليم الديني" أو "تعليم الدين".

وكخلاصة للمفاهيم الاصطلاحية التي ذكرنا أشير إلى أننا حينما نتحدث في كتابنا هذا عن أزمة التعليم الديني، فإننا سنتناول الموضوع في إطاره الواسع المتعلق بحضور الدين في المنظومة التربوية سواء كنظام تعليمي قائم بذاته، أو كمادة مندمجة في منهاج التعليم العام، أو كمرجعية حاكمة للنظام التعليمي وقيم مبثوثة في مختلف المواد والأنشطة التعليمية، وإن كان لكل مجال خصوصياته التربوية على مستوى التفصيل فإنها بإجمال تشترك في كونها منطلقة من منظور فلسفي موحد ومن مرجعية واحدة (الدين الإسلامي) وهادفة إلى ترسيخ قيم مشتركة، وتحمل جهازاً مفاهيمياً مشتركاً، وبينها قواسم مشتركة في الإجراءات التربوية العملية الكبرى، سواء في بناء المناهج أو طرق ووسائل التدريس والتقويم.

الصفحات