كتاب " القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ب) الحقوق السياسية
من أهمها في مجال الحرية حرية الشعوب في الاستقلال، والمساواة في الحقوق بين الدول، وفي حقها في تقرير المصير، إعمالاً لمبدأ الكرامة الإنسانية التي هي عماد حرية الأفراد وحرية الشعوب، وذلك لإعلان حرية الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي[19]، وهو مطلب حق يقره الإسلام ويؤكده كما تقدم من الاعتراف بحرية الأمم الأخرى، وهو ما نوَّه به ميثاق الأمم المتحدة في أولى مواده، فقد ذكر: أن من مقاصد الأمم إنماء العلاقات الودية بينها «على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها».
ثم أوضحت ذلك المادة الأولى من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ جاء فيها:
«1- تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسي، وحرية تأمين إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والاقتصادي».
ثم أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ (14) كانون الأول/ديسمبر سنة 1960م قراراً بعنوان (الإعلان بمنح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة).
ومن الحقوق السياسية العامة والخاصة: حق الشورى ، وهو الحق الثاني الخطير من هذه الحقوق بعد حرية الرأي والتعبير.
والشورى في منطق الحكم السياسي: استطلاع الحاكم آراء الأمة أو ممثليها في القضايا العامة. أو: المشاركة في اتخاذ القرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العلمي، لمعرفة الحق أو الصواب، ولتحقيق المصلحة العامة.
والمشاورة في القضايا العامة ضرورة حتمية ملزمة، لمعالجة الأوضاع والأحوال، وتقديم الأولويات، واتخاذ القرارات السليمة أو السديدة.
وقد أشاد الإسلام بمبدأ الشورى وقرره بصفة عامة، في قول الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 3/159]، وقوله سبحانه في بيان خصائص أهل الإيمان: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 42/38] .
وكانت ظاهرة الشورى هي الظاهرةَ السائدةَ في العهدين النبوي والراشدي، ومتّبعة في الجملة في عهود الخلفاء والدول الإسلامية المتتابعة (الأموية والعباسية والعثمانية)، وإن وجدت مخالفات كَوِلاية العهد إلى ولد أو ولدين أو أكثر من الخلفاء.
قال أبو هريرة: «ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله r»[20].
وقال ابن عطية في تفسيره: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين، فعزله واجب، هذا مما لا خلاف فيه، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 42/38][21].
وفي النظام الدولي الحديث وجد النظام الديمقراطي بديلاً مفضلاً عن الأنظمة الاستبدادية، واعتبر من مقوّمات الحكم الديمقراطي أن يكون الشعب مصدر السلطات، ومن ثم اعتبار اشتراكه في الحكم من الحقوق الأساسية، وبخاصة ممارسة حق الانتخاب وحق تولي المناصب[22].
أما حق الانتخاب: فمظاهره واضحة في إيجاد نظام البرلمانات أو مجالس الشعب أو الأمة، سواء المجلس الواحد أم المجلس النيابي أم نظام المجلسين: النيابي، ومجلس الشيوخ أو مجلس الشورى. وفي تكوين المجالس الإدارية أو البلدية (الإدارة المحلية) على قدم المساواة بين الرجل والمرأة، ولدى نظام القضاء، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية.
وأما حق تولي المناصب: فلكل مواطن الحق في تولي الوظائف العامة، بضوابط معينة؛ كالأهلية القانونية المتعلقة بالسن إما سن الحادية والعشرين، أو سن الثامنة عشرة، والثاني هو الغالب.
وهذا ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (م 21)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (م25)، فقد ورد فيهما:
1- لكل شخص الحق في الاشتراك في إدارة شؤون بلده العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
والديمقراطية ما لم تكن علمانية أو لتقرير سلطة تشريعية مطلقة للبرلمانات، شبيهة بمبدأ الشورى المطلوب شرعاً في الشريعة الإسلامية كما تقدم بيانه.
والديمقراطية أو الشورى تؤدي غالباً إلى حكم الأكثرية الشعبية، وأصبحت الديمقراطية اليوم من الثوابت القانونية والدستورية، ما لم تكن في المنظور الإسلامي صورية أو قائمة على أساس التعيين في المجالس النيابية، أو هيمنة أجهزة الأمن على كل شيء، أو سيطرة الحزب الواحد، وما لم تقيد السلطة التشريعية بنصوص الشريعة الإسلامية الصريحة، لا الاجتهادية من ذوي الأهلية.
وذلك لأن الأساس الشرعي أو الفقهي هو: بناء الدولة على أساس الشورى أو الديمقراطية السليمة من أي ضغوط أخرى، وعلى واجب التقيد بالأحكام الشرعية.