كتاب " الحكايات الشعبية في البلاد الشامية (الجزء الاول) " ، تأليف مصطفى الصوفي ، نقرأ من المقدمة :
أنت هنا
قراءة كتاب الحكايات الشعبية في البلاد الشامية (الجزء الاول)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
سنيسل ورباب
كان في عنزة اسمها ( العنزة العنوزية ) وعندها ولدان واحد اسمه سنيسل، والثاني اسمها رباب، ربتهما واعتنت بهما، وكانت كل يوم تذهب إلى الحقل لترعى، وتجمع بعض الحشيش الطري، وتعود في المساء فيأكل الولدان وينامان في أحضانها بسرور وأمان. وكانت توصيهما كلّما خرجت ألاّ يفتحا لأحد الباب مهما كان، إلاّ بعد أن يتأكدا منها ويسمعا صوتها وهي تنادي عليهما وتقول :
يا سنيسل يا رباب، افتحو لأمكم الباب
حشيشاتا بقروناتا، حليباتا ببزيزاتا
مرّت الأيام والوضع على هذا الحال وهم عايشين مبسوطين، إلى أن مرّت الضبعة من جهة بيت العنزة وكانت تتجول وتفتش عن طعام لها، فرأت العنزة تخرج من البيت تاركة الأولاد وحيدين، فاستغلّت الفرصة لتأكلهما فطرقت الباب فلم يفتح لها أحد، فقالت أنا أمكم يا أولاد فلم يردّ عليها أحد، وقد عرف الأولاد أنها الضبعة وليست أمهم، وبقيت على هذا الحال حتى حان وقت عودة العنزة، فاختبأت وراء الجدار تراقب العنزة، فرأت وسمعت ما تقول العنزة حتى فتح لها الأولاد الباب .
في اليوم التالي جاءت الضبعة بعد خروج العنزة، وقد ركبت قروناً من عجين على رأسها، ووضعت عليهما بعض الحشيش وطرقت الباب، وقالت مقلّدة صوت العنزة :
يا سنيسل يارباب، افتحو لأمكم الباب
حشيشاتا بقروناتا، حليباتا ببزيزاتا
سمع الولدان الصوت فشكّا بها، ونظرا من ثقب الباب فشاهدا الحشيش على القرون كالعادة فانخدعا وفتحا الباب، فدخلت الضبعة وأمسكت بهما، وحملتهما إلى مغارتها وابتلعتهما ونامت .
عادت العنزة في المساء فوجدت الباب مفتوحاً والولدان مختفيان، ورأت آثار الضبعة وقرون العجين على الأرض، فعرفت ما حصل وغضبت منها أشد الغضب، وتجهّزت ولبست عدّة القتال، وسنّت قرونها وحوافرها وتبعت آثار الضبعة حتى المغارة، فصعدت على ظهر المغارة وصارت تدبّك عليها، فسمعت الضبعة الدربكة فصرخت الضبعة: ( مين عمّا يدبّك على سطوحنا ) .
فردّت عليها العنزة بصوت قوي وهي تقول:
أنا العنزة العنّوزية أم قرون الذهبية
يا للي أكل سنيسل ورباب يلاقيني في البرية
خافت الضبعة وتردّدت بالخروج، لكن العنزة تابعت التدبيك والتحدّي، حتى اضطرت أخيراً لقبول التحدّي والنزال، فصنعت قروناً من العجين وشوتها وسنّتها جيداً، ثم ركبتها على رأسها وخرجت للنزال وهي تقول:
أنا الضبعة الضبّوعة أم قرون معيوقة
أنا أكلت سنيسل ورباب وراح آكل أمهم المعجوقة
هجمت الضبعة على العنزة ونطحتها بقوة بقرونها، فتكسرت القرون وتفتّت نتفاً على الأرض ولم تؤثر على العنزة.
ثم تهيأت العنزة وهجمت عليها بكل قوتها، ونطحتها بقرونها المسنونة فارتمت ميتة على الأرض، فشقّت بطنها وخرج منه سنيسل ورباب وهم يبكون، فحملتهما على ظهرها وعادت بهما إلى البيت، واعتنت بهما وداوتهما حتى شفيا، ووضعت لهما الحشيش الأخضر الطري فأكلا حتى شبعا وناما مرتاحين ومسرورين.
في الصباح خرجت العنزة إلى المرعى، وأوصتهما أن لا يفتحا الباب لأحد إلاّ بعد أن يتأكدا منها، وألاّ ينخدعا بالمظاهر مرة أخرى وعاشوا جميعاً بأمان وسلام .