كتاب " قراءات أدبية في المشهد الثقافي السوري " ، للكاتب مصطفى الصوفي ، يتحدث الكتاب عن دراسات في الثقافة والفن والأدب ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب قراءات أدبية في المشهد الثقافي السوري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تألق محمد الدرة في الانتفاضة فاستهلكه الشعراء
ربما هي المصادفة التي جعلت الطفل محمد الدرة نجم الشهداء في انتفاضة الأقصى وربما هي المصادفة أيضا زجت الطفل وأبيه في أتون المذبحة الصهيونية والقتل المتعمد الذي يمارسه جنود الاحتلال ...
يغتالون الطفولة والبراءة ويخنقون مشاعر الحب والعواطف الإنسانية السامية...
يقول الصهاينة : الفلسطينيون يمارسون العنف ضدهم ويقضون مضاجعهم ويقلقون راحتهم بالصراخ والحجارة . وهم أي الصهاينة يدافعون عن أنفسهم ووجودهم وأمانهم . فيقاتلون الأيدي العارية إلا من الحجارة والصدور المفتوحة على بشرة سمراء ، بالرصاص فيقتلون ويذبحون ويجرحون بكل وحشية .
يرد عليهم محمد : أنا طفل لم أكن في صفوف المنتفضين ويدي لم تكن تقبض على حجر والصدفة أأوقعتني في فخ المذبحة مع والدي ... خفت ارتعشت صرخت ... لجأت إلى حضن والدي المختبئ وراء صخرة ... حاول حمايتي بجسده وروحه ...
لكن بنادق الاحتلال أبت إلا أن تسفك دمي لتخطف حياتي قبل الأوان لأكون في عداد الشهداء الأطهار ... وأنا لم أكن أأحمل حجر ولم أكن أتمنى أن أموت أريد أن أكبر لأمسك بوجهكم البندقية ولم أكن أتمنى أن أتحول إلى شهيد في هذا الوقت المبكر ....
أثارت مشاهد اغتيال الطفولة البريئة بهذه الوحشية غضب العالم أججت العواطف وأطلقت صرخة سؤال حزين من أعماق وجدان الإنسانية : هل كان من الضروري أن تقتلوا الطفل يا عسكر النازية ...؟
والصدفة وحدها جعلت محمد الدرة ووالده يقعان أمام عدسة الكاميرا لتكون شاهداً على الجريمة بينما غابت الكاميرا عن بقية الأطفال الذين اغتالهم رصاص الغدر ....
هكذا اجتمعت ظروف الجريمة لتجعل محمد الدرة متألقاً في سماء الانتفاضة وشاهداً على المذبحة العنصرية التي تستهدف الشعب الفلسطيني رجالاً وشيوخاً وأطفالاً لا فرق لديهم يشاركن في الانتفاضة أم لا يشاركون يرمون بحجر أم لا يرمون فهم في النهاية عرباً وهذا هو المهم .
ليس غريباً أن تتأجج عواطف الشعراء وتلتهب مشاعرهم ويتشظى وجدانهم أمام القهر والذل الصامت فيتحول الطفل محمد الدرة إلى قصائد يتغنون بها على صفحات الجرائد وشاشات التلفزة ومنابر الأمسيات ليعبروا عن حزنهم وغضبهم من أمة لا تحفظ طفولة أبناءها من اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين ...
تحول محمد الدرة في مهرجان الشعر الرابع عشر إلى قصيدة شعر جميلة كهاجس في ظلمة الليل ألقاها الشعراء أمام الحضور كأنهم يشعلون شمعة تنير الدرب أمام هذه الأمة المتقاعسة عن نصرة نفسها ...
كلما صعد شاعر على المنبر كنا نتوقع منه زفة أنين على محمد ...
أجاد الشعراء وتألق محمد الطفل الشهيد معهم .