كتاب " الحب والحيرة " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الحب والحيرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- أعرف «الراديو، والتلفزيون، والثلاجة، والمروحة التي تدور في السقف».
- هل تعرف وسائل التبريد ؟
- نحن لا نستخدمها لأن الكهرباء عندنا مقطوعة.
- لماذا ؟
- قصفها الأمريكان.
- هل حاولتم إصلاحها ؟
- بذلنا جهداً وصرفنا أموالاً طائلة في أصلاحها.
- أصلحنا قسماً ولا يزال الآخر مخرباً، وقسم ثالث أعيد تخريبه.
- ومن المسؤول ؟
- الذين يعمرون أصحاب الرؤوس الكبيرة من الوزراء والساسة المتعطشين وفيلق الإعمار من مهندسين ومقاولين الذين يسرقون أكثر مما يصرفون ويخربون بقدر ما يعمرون، فضلاً عن الإرهابيين وقسم من أبناء وأهل المروءة والغيرة من أبناء العشائر والمتنافسين على السلطة والثروة.
- لماذا تأخرت عن مواكبة الحياة واللحاق بركب التطور والمخترعات ؟
- خضعنا للسلطان في وقت متقدم وعرفنا الحرية متأخرين، وتعاقبت علينا عقود من الكبت والضغط والتسلط، وانقسم الناس على حاكم ومحكوم وسلطان وعبيد والسلاطين في سياسة التسلط أذكياء، وهم على دراية ويقين بأن السيطرة على الأعمى أسهل من البصير، وعلى الجاهل أسهل من المتعلم و على المتخلف أيسر من المتطور، حتى قضينا صبانا وشبابنا لا نسمع إلا أصواتهم، ولا نرى غير صورهم ولا ندين إلا بالولاء لهم، ونجهل كل شيء إلا ثقافتهم والأشعار التي تمجدهم.
حدث صمت قصير عندما سكت وأطرقت بنظرها وكأنها تفكر في اتخاذ موقف أو الحكم على واقع عاشور.. أعجب عاشور بتصرفها وشعر برغبة شديدة فيها وحاجة ملحة إليها.. طموحه في ظرفه ذاك أن يتصل بها ويظفر بعلاقة ودية معها.. كانت العاطفة تلح عليه، استغل لحظة صمتها، وسألها :
- ثقي وتأكدي أني أحبك، وسأكون إن شاء الله وفياً معك، ولن أفارقك طيلة حياتي، فهل من سبيل إلى عقد تواصل معك؟ أجابت دون تردد :
- إذا سعيت واجتهدت، أو عادت قوة البصر إليك.
رفع نظره وكفه إلى أعلى يدعو :
- رب إشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واكشف الغمامة عن بصري، ثم قال :
- عرفت عني ما لا أعرفه عنك، وجهلت عنك ما تعرفينه عني.
قالت :
ولدت قبل أربعين عاماً لأب لم يمس أمي. والناس منذ ذلك الوقت يعرفونني ويتصلون بي، ولعلك آخر من يعرفني في هذه الدنيا، أنا لست ليلى أو لبنى هواك. أنظر بعينك واحكم بعقلك وخفف من غلواء عاطفتك.. أنا شبكة عنكبوتية أمدّ خيوطي إلى أقطار العالم كلها في مشارق الأرض ومغاربها، ولست العنكبوت الذي ينسج أشباح الذكريات في عينك.
فتح عاشور عينيه باستغراب، نهض من مقعده، وتقدم نحوها حتى كاد أن يلثمها، حدق في وجهها وهو يقول :
- انتِ التي يقولون لك «آت يا هو، دوت كوم، انترنيت».
هزت رأسها مرة واحدة وهي تقول بصوت رقيق :
- Yes.
مسك عاشور أطراف لحيته التي علاها الشيب وهو يردد :
ألا ليت الشباب يعود يوماً.