أنت هنا

قراءة كتاب الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

تبدأ صلتي بهذا الموضوع من رغبتي في التعرّف إلى الأدب النسائيّ، وتتبّع اتجاهاته، ومن ثمّ الوقوف على دور المرأة العربيّة في عصور متعدّدة؛ فقد تضمّن تراثنا العربيّ صورة للمرأة رسمها الرجل فغدت أشبه بالأسطورة، وتضمّن التراث ذاته المرأة الواقع؛ لذلك رأيت أن أكتب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
تبدأ صلتي بهذا الموضوع من رغبتي في التعرّف إلى الأدب النسائيّ، وتتبّع اتجاهاته، ومن ثمّ الوقوف على دور المرأة العربيّة في عصور متعدّدة؛ فقد تضمّن تراثنا العربيّ صورة للمرأة رسمها الرجل فغدت أشبه بالأسطورة، وتضمّن التراث ذاته المرأة الواقع؛ لذلك رأيت أن أكتب عن ليلى الأخيليّة، المرأة الشاعرة، التي عاشت في حقبة من حقب التاريخ العربيّ الإسلاميّ، اشتملت على صراعات سياسيّة وقبليّة ودينيّة واجتماعيّة، وذلك في النصف الأوّل من تاريخ الدولة الأمويّة.
 
كان لليلى دور سياسيّ قبليّ؛ فوفدت على الخلفاء والأمراء والقادة، وعبّرت عن جانب من موقف قبيلتها - بني عامر- من الصراع الدائر على الحكم، كما كان لها دور اجتماعيّ أدبيّ حين غدت تُهاجي كبار شعراء هذه الحقبة التاريخية أمثال؛ النابغة الجعديّ وتميم بن أُبَي بن مُقبل، واتّصلت كذلك بشعراء آخرين أمثال؛ سوّار بن أوفي وحُميد بن ثور وأوس بن مغراء والعُجير السلولي وغيرهم.
 
أمّا الدور الاجتماعيّ الأدبيّ الذي قامت به ليلى، فقد تمثّل في صلتها المتينة بالشاعر توبة بن الحميّر الخفاجي الذي أحبّته حبًّا عذريًّا - وكلاهما من قبيلة عامر - ولما مات رثته بحرقة، فشكّلت ظاهرة فريدة من ظواهر الشعر العربيّ، إذ كنّا نجد المرأة العربيّة ترثي أخاها أو أباها أو زوجها أو ابنها، أمّا ليلى فقد رثت حبيبها الذي قتل فطالبت بالثأر له، وخلّدت ذكره في قصائدها، ممّا جعل أحد الباحثين يشكّ في وجود هذه المرأة لاعتقاده أنّ المجتمع العربيّ آنذاك لم يكن ليسمح لامرأة أن تقول مثل هذا الشعر في حبيب لم تكن زوجًا له.
 
ولعلّ من دواعي الكتابة عن هذه الشاعرة، أنّ المكتبة العربيّة خلت من دراسة جادّة ومستقصية عن حياتها وشعرها، فقد كان يكتب عنها عبر سلاسل عامّة عن نساء العرب أو الإسلام، دون أن تخصّص لها دراسة وافية، كما أنّ قيام الباحثين خليل إبراهيم العطية وجليل العطية سنة 1967م، بجمع ديوانها مع مقدمة ضافية عن حياتها وشعرها، أظهر أنّ ليلى طرقت من الموضوعات الشعريّة ما يصلح لأن يدرس دراسة مستقصية، فقد اشتمل ديوانها على موضوعات متعدّدة منها الرثاء والمدح والهجاء والفخر، فشكّلت مجتمعة مادةً كافية للدرس.
 
وقد رأيت أن تكون دراستي هذه في خمسة فصول:
 
يعرّف الفصل الأوّل بليلى الأخيليّة من حيث اسمها ونسبها وصفتها، ويأتي على مناقشة خبر زواجها وأولادها، وأخيرًا يعرض لوفاتها من حيث الزمان والكيفيّة والمكان.
 
ويدرس الفصل الثاني صلة ليلى بأعلام عصرها، فيبدأ بدراسة صلتها بتوبة بن الحميّر الشاعر الذي أحبته، ثمّ سائر الشعراء الذين اتّصلت بهم في حياتها؛ ويحلّل القسم الثاني من هذا الفصل صلتها بالخلفاء والأمراء والقادة في الدولة الأمويّة، وطبيعة تلك الصلات، وعلى الأخصّ ما كان بينها وبين عبد الملك بن مروان والحجّاج بن يوسف الثقفيّ.
 
ويعرض الفصل الثالث لبحث ديوان ليلى بين القدماء والمحدثين؛ فيخصّص القسم الأوّل منه للحديث على رحلة الديوان عبر التاريخ، متى كان؟ ومن اعتنى به قديمًا؟ ومتى فقد؟ وكيف تم جمعه حديثًا؟ ويتصدّى القسم الثاني من هذا الفصل لمناقشة آراء جماعة من القدماء والمحدثين في شعرها، وطبيعة عناية هؤلاء به، ومحاولات تقييمهم له، وكيف أنّ كثيرًا منهم قرنها بالخنساء؛ فمنهم من فضّلها عليها، ومنهم من جعلها دونها، كما أنّ ذكرها ارتبط عند آخرين بذكر كبار شعراء العربيّة وفحولها.
 
أمّا الفصل الرابع فيتناول بالبحث موضوعات شعر ليلى، ويعرض لها حسب أهمية كل موضوع، فيبدأ برصد شعر الرثاء وما قدّمت فيه ليلى من الوجهة الفنّيّة، ثمّ شعر المدح وما كشف عن مواقف لها تجاه الذين مدحتهم من الخلفاء والأمراء والقادة، ومدى التزامها بموقف قومها السياسيّ. ثمّ يأتي بحث موضوع الهجاء والمعاني التي نعتت بها ليلى الأشخاص الذين هجتهم، مع تطرّق إلى دواعي ذلك الهجاء وأسبابه، ويختم الفصل بالحديث على الفخر الذي خصّت به ليلى قومها بني الأخيل من عُقيل، وبعض بطون بني عامر ممن كانوا إلى جانب العُقيليين.
 
ويأتي الفصل الأخير ليشكّل وقفة مع فنّ ليلى الشعريّ، وذلك ضمن محورين؛ أوّلهما يبحث في نهج القصيدة التقليديّة عندها، وكيف كانت صلتها بالموروث الشعريّ وتقاليده، وكيف بنت قصيدتها، على الرغم من أنّ ما وصل إلينا من قصائدها الطويلة يعد قليلًا ولا يسعف على تقرّي ملامح بناء القصيدة لديها بوضوح.
 
أمّا المحور الآخر فيتركّز في بحث تجلّيات ظاهرة التكرار في شعرها، وقد أمكن لي دراسته ضمن مستويات متعدّدة هي؛ تكرار الحرف ثمّ تكرار الكلمة ثمّ تكرار الصيغة اللغوية، وصلة ذلك بطبيعة الندب واستيلاء ظاهرة الحزن على شعرها، كما أنّ فيه إبانة عن مقدرتها الفنّيّة. ويختم هذا المحور بتحليل نموذج شعري طويل تتجلّى من خلاله تلك المستويات بوضوح.
 
وبذلك تتمّ هذه الدراسة التي أعدّها إشارة تلفت النظر إلى الأدب النسائيّ في الثقافة العربيّة عبر تاريخها الطويل.

الصفحات