أنت هنا

قراءة كتاب الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

الوالهة الحرّى؛ ليلى الأخيلية شاعرة العصر الأموي

تبدأ صلتي بهذا الموضوع من رغبتي في التعرّف إلى الأدب النسائيّ، وتتبّع اتجاهاته، ومن ثمّ الوقوف على دور المرأة العربيّة في عصور متعدّدة؛ فقد تضمّن تراثنا العربيّ صورة للمرأة رسمها الرجل فغدت أشبه بالأسطورة، وتضمّن التراث ذاته المرأة الواقع؛ لذلك رأيت أن أكتب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
جَهِلْتَ عَلَيَّ ابْنَ الحَيَا وَظَلَمْتَنِي
 
وَجَمَعْتَ قَوْلًا جَاءَ بَيْتًا مُضَلَّلَا»(42)
 
فالخبر لا يستلزم أن يكون سوّار زوجًا لها، بل يكفي أن يذكر الجعديّ مساوئ عُقيل لتهب ليلى الأخيليّة العُقيلية منافحة ومدافعة عن عشيرتها الأقربين، وعن بني عمومتها الذين عرّض النابغة بهم، لذلك فقد كانت ليلى هي الغالبة وهي أشعر من النابغة؛ لأنّها هجته دون أن تنتقص من قدر عشيرته التي ينتمي إليها لأنّها من كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، إذ يجمعهم جميعًا أنّهم من مُضر ومن عامر بن صعصعة على وجه التحديد، فقد رأت أن تهجو النابغة دون قومه وأن تفضّل عليه سوّارًا.
 
وقد يكون في دفاعها عن سوّار هذا وقوف إلى جانب قُشير، إذ إنّ الجعديّ سبَّ قُشيرًا وعُقيلًا معاً؛ لأنّهما كانتا تتّمان بعضهما فكان يقال: «البيت في قُشير والعدد في عُقيل»(43).
 
ويؤيّد ما ذهبنا إليه من أنّ سوّارًا لم يكن زوجها أنّ ابن قتيبة ذاته أورد بيت الشعر الذي قال فيه النابغة:
 
وَقَدْ أَكَلَتْ بَقْلًا وَخِيمًا نَبَاتُهُ
 
وَقَدْ نَكَحَتْ شَرَّ الأَخَايِلِ أَخْيَلَا(44)
 
ونحن نعلم أنّ سوّارًا كان قُشيريًّا ولم يكن أخيليًّا، فكيف يعيّر النابغة ليلى بأنّها زوج لشرّ الأخايل، وفي الوقت ذاته تكون زوجًا لسوّار؟ فالذي جعل ابن قتيبة يتوهّم ذلك هو أنّها ختمت هجاءها له بقولها «تساور سوّارًا»، لتذكّره بما كان من هجاء سوّار له فقرن ابن قتيبة بين هجاء النابغة لزوجها وذكرها لسوّار، وظن سوّارًا زوجها، وهذا وهم.
 
ولعلّ من أسباب قصّة المهاجاة بين ليلى والنابغة أنّها فضّلت العُجير السلولي عليه في تحكيمها بين الشعراء، كما يذكر المرزبانيّ في (أشعار النساء) (45) وقد يكون هذا سببًا كافيًا لوقوع المهاجاة بينهما، ولا يعود لسوّار أي دور فيها. إلّا أن ليلى، لتغيظ النابغة، فضّلت عليه شاعرًا آخر غير العُجير، هو سوّار الذي هجاه فتكون قد أصابته في الحالتين وانتصفت لعشيرتها التي هجيت بسبب القشيريّ.
 
لقد أثبتت لنا الروايات السابقة أمرين؛ أوّلهما: أنّ ليلى كانت زوجًا للأذلغيّ أو الأخيليّ وهو شخص واحد، وآخرهما: أنّها لم تتزوّج من سوّار بن أوفى كما وهم ابن قتيبة.
 
والذي أراه أنّ ليلى لم تتزوّج بعد الأذلغيّ أيّ زوج آخر، سواء أكان سوّارًا أم غيره، وإنّي أذهب إلى الشكّ في قول ابن عساكر (ت 571هـ): «إنّ ليلى الأخيليّة بعد موت توبة تزوّجت»(46)، الذي نقله ابن طولون(47)، واستدلّ به محقّقا الديوان على زواجها مرّة ثانية(48)، وذلك لأنّهما قبلا بما أورده ابن قتيبة من خبر زواجها من سوّار بن أوفى، وكان ثبت لديهما أنّها تزوّجت من الأذلغيّ، فجعلا في قول ابن عساكر هذا دليلًا على الزواج ثانية، وإن لم يصرّح هو بذلك.

الصفحات