أنت هنا

قراءة كتاب إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

كتاب " إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول " ، تأليف نبال خماش ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

الأرضية المشتركة 

Common Ground

عنوان لحملة إعلامية نفذتها وزارة الخارجية الامريكية بدعوى تضييق فجوة الاتصالات والتفاهم بين واشنطن والعالم الإسلامي· أما الأساس النظري الذي استند إليه مضمون هذه الحملة فهو أن الولايات المتحدة مكان أساء الآخرون فهمه، وأنها دولة تعترف بالإسلام كواحد من الأديان السماوية، وأنها ليست في حالة حرب مع هذا الدين أو أتباعه·

نُفذت هذه الحملة من خلال عدد من الأفلام التسجيلية القصيرة التي وظفت أكثر الوسائل جذبا وابهاراً للمشاهد والتي جاءت تحت عنوان: الأرضية المشتركة: حياة المسلمين في أميركا وبأسلوب يدعو إلى التفاؤل أبرزت هذه الأفلام صوراً للحياة اليومية لعدد من المسلمين الأميركيين أو الوافدين وهم يؤدون شعائرهم الدينية ويمارسون حياتهم اليومية المعتادة في أنحاء الولايات الامريكية بشكل طبيعي وبدون إزعاجات من أحد، وسلطت هذه الأشرطة الأضواء على مختلف القطاعات المهنية والوظيفية للمسلمين الأميركيين: أطباء، مدرسين، ربات منازل، عمال··· وأعرب جميع من شملتهم الحملة عن شعورهم بالرضا والانسجام التام مع المجتمع الأميركي، وبأنهم لا يتعرضوا في أماكن عملهم إلى أي شكل من أشكال التضييق أو الإزعاج· وقد عرضت هذه الأشرطة على صورة رسائل تليفزيونية بثت خلال شهر رمضان لعام 2 0 0 2 في عدد من دول شرق آسيا الإسلامية وعدد من الدول العربية التي لم تستطع مقاومة الضغوط الأمريكية وهي : باكستان، ماليزيا، اندونيسيا، دبي والكويت· فيما رفضت عدد من القنوات الفضائية ومحطات التلفزة العربية عرض هذه الأشرطة حتى لو أخذت هذه الأفلام الصفة الإعلانية مدفوعة الأجر·كما اشترطت بعض هذه القنوات مقابل أن تبث الأفلام الدعائية للخارجية الأمريكية أن تقوم محطات التلفزة الامريكية بالمقابل ببث أشرطة يعدها الجانب العربي تصور حالة المعاناة التي يعيشها الشعب اللسطيني، والانتهاكات والجرائم اليومية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقه· وبالطبع لم تتلق هذه المحطات العربية رداً بالقبول أو الرفض من الخارجية الامريكية بهذا الشأن·

الذين شاهدوا هذه الأشرطة أبدوا شكوكهم حول ما إذا كانت حياة المسلمين في الولايات المتحدة بمثل هذه الصورة المشرقة الذي تعكسه أفلام الأرضية المشتركة، وتشكلت انطباعات لكل من شاهد هذه الأفلام أنه بالإضافة إلى بروز ظاهرة الدولة البوليسية في أميركا فإن آلة الإعلام هناك أخذت في اقتباس دروس من الإعلام الرسمي العربي المغرم بعمليات التجميل وإظهار الأشياء بشكل مغاير لحقيقتها، فيما وصفها إعلاميون أميركيون بأنها أشبه بالإعلانات التي كانت تذاع على موجات الأثير في الثلاثينات لتصوير السود وكأنهم سعداء في المجتمع الأميركي، على ظن بأن هذه هي أفضل وسيلة لتأكيد عدم وجود تفرقة عنصرية·

الخارجية الامريكية انتهى بها الأمر للاعتقاد أن حملة إعلامية على غرار الحملات التسويقية للمنتجات الامريكية قادرة على أيجاد حلول لمأزق العلاقة الكبير بين العالم الإسلامي والإدارة الامريكية، وأنّ حملة شبيهة بالدبلوماسية الشعبية قادرة على تحسين صورتها وسياستها في إذهان الشعوب العربية والإسلامية· وبالرغم من استمرار إذاعة هذه البرامج لمدة خمسة أسابيع في الدول الآنف ذكرها، إلا أن هذه الحملة ما لبثت أن توقفت بعد أن واجهت مقاومة عنيفة ورفضاً واسع النطاق من قبل الجمهور المستهدَف·

اعتادت وزارة الخارجية الأمريكية من خلال التقارير الدورية التي تصدرها تقييم أداء دول العالم في مجال حقوق الإنسان، وكانت هذه التقارير تظهر الولايات المتحدة على أنها الدولة النموذج المدافع عن حقوق الإنسان وسائر المضطهدين في كافة أنحاء العالم· إلا أن أحداث 11 أيلول والتغييرات التي طرأت على المجتمع الأمريكي كشفت زيف هذا الادعاء وأسقطت عن الولايات المتحدة صفة دولة الحريات Freedoms country وتحديداً فيما يخص المواطنين من أصول عربية أو إسلامية، وقد لاحظ التقرير السنوي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير الصادر عام 3 0 0 2 والخاص بأوضاع الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، زيادة في عدد حالات التمييز ضد المسلمين، ورصد التقرير 2 0 6 شكوى من حوادث تمييز تعرض لها المسلمون في أميركا خلال عام 2 0 0 2 وبشكل يمثل زيادة قدرها 51% مقارنة بعام 1 0 0 2· و أشار التقرير الذي يعد الوحيد من نوعه إلى أن حوادث التمييز ضد المسلمين في الولايات المتحدة زادتبنسبة57% عما كانت عليه منذ عـام 5 9 9 1(12)·

وفيما يبدو، فإنه كما أساء الساسة في الإدارة الأمريكية فهم أسس التعامل مع الواقع الدولي عبر سياسة خارجية ولدت أحاسيس الكراهية والعداء ليس للسياسة الأمريكية فحسب، بل إن هذه الأحاسيس انسحبت لتطال الدولة الأمريكية برمتها، لأن الرأي العام في الغالب لا يفرق بين الساسة والدول، وكما هم في سياستهم الخارجية تلك، كذلك اخفق الأمريكيون في خلق إئتلاف قومي داخل المجتمع الأمريكي بسبب سياسات التمييز خاصة ضد الفئات المسلمة التي تعرضت لأشكال عدة من التقييد والمضايقات، من ضمنها تعرض المرشدين والجنود المسلمين في الجيش الأمريكي للضغوط والمراجعات الدقيقة غير المبررة، إضافة إلى قيام البنتاغون بمراجعة إجراءات تعيين وإختيار الجنود المسلمين في الجيش(13)·

الصفحات