أنت هنا

قراءة كتاب إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

كتاب " إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول " ، تأليف نبال خماش ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

الإسلام الجهادي 

Jihadist Islam

تجد الدراسات والبحوث الصادرة عن مراكز الدراسات المنتشرة في أنحاء الولايات المتحدة الامريكية صدى كبيراً واهتماماً واسعاً لدى صانعي القرار وراسمي السياسات في واشنطن، وتتولى هذه المراكز عادة دعم السياسات الحكومية من خلال تقديم التصورات المدروسة، والسيناريوهات المحتملة وضخ كافة الأفكار والآراء والتحليلات بشأن قضية ما، أو موضوع محدد يعترض السياسيين الأميركيين الراغبين في استطلاع كافة الآراء والاحتمالات لمواجهة هذه القضية وإيجاد حلول لها بما يتفق مع المصالح الوطنية أو بما يتفق ومصلحة طبقة سياسية أو رأسمالية محددة·

وبعد أحداث 11 أيلول كثفت هذه المراكز عملها، وصدر عنها عدد كبير من البحوث الخاصة بالحرب الامريكية على الإرهاب ومن بين هذه المراكز المهمة معهد هدسون للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي أعد وثيقة بطلب من الإدارة الامريكية تحدد مجموعة من السيناريوهات للصراعات في العالم، وتبرير الحرب الامريكية لفترة طويلة الأمد ضد ما تطلق عليه هذه الإدارة بـالإرهاب، والصراعات التي يتعين على واشنطن مواجهتها خلال العقدين القادمين 2 0 0 2 -0 2 0 2·

وقام بإعداد هذه الوثيقة مؤسس المعهد د·ماكس سينغر المختص في تحليل السياسات، والذي رسم في وثيقته سيناريوهات معقدة للعقدين القادمين، مفترضاً أنّه حتى عام 0 2 0 2 ستقوم أطراف محسوبة على ما أسماه بـالإسلام الجهادي بقتل عشرات آلاف الأميركيين عبر كل وسائل الإرهاب المتبعة الآن، أو التي ستتوصل إليها عقول من يتولون التخطيط لمثل هذه الأعمال مستقبلاً·

وقد نشرت مجلة المشاهد السياسي مقتطفات لأهم محاور هذه الدراسة والسيناريوهات التي رسمتها، والتي من أبرز نقاطها:

- يكشف سينغر في السيناريو الأول من دراسته عن توجه أميركي جديد ونبوءة بأن تلي الهجمات التي ستشنها واشنطن على أعدائها إسقاط حكومات عربية وإسلامية وتغيير أنظمة وأن خلافات داخلية بين الأقطار الغربية نفسها ستنشأ بسبب رفض قسم منها الاستمرار في مجاراة الخطط الامريكية، كما أن شرخاً كاملاً سينشأ بين العالم العربي الذي سيصبح في بداية الأمر تحت سيطرة الإسلاميين المتطرفين بأكمله كرد فعل على مغالاة واشنطن في الانحياز لإسرائيل التي يتنبأ سينغر أن تبقى موجودة على الخارطة حتى 81 سنة مقبلة، مستفيدة من عامل التفوق الأميركي·يفترض مدير معهد هدسون أن دولاً عربية مثل: العراق، مصر، السعودية ودولاً إسلامية كبرى مثل إيران ستحصل على السلاح النووي، إلا أن هذه الدول لن تستخدم أسلحتها النووية، وستلجأ لاستخدام الأسلحة البيولوجية في الصراعات الدائرة بينها·

ويكرر سينغر في وثيقته مصطلح الإسلام الجهادي عدة مرات، فهو يقسم العالم الإسلامي إلى ثلاث فئات: فئة ممن يعتقدون أن الغرب ليس عدوا للإسلام، فئة ثانية تعتقد أن الغرب عدو ولكن ليس بالإمكان مهاجمته نظراً لامتلاكه مختلف عناصر القوة، وفئة ثالثة تعتقد بوجوب مهاجمة الغرب بوسائل عنيفة· ولمواجهة هذا التيار ينتقل زينغر إلى السيناريو الثاني·

- وفقا لهذا السيناريو فإن العالم الغربي سيرفض الاعتراف أو التعامل مع حركات الإسلام الجهادي إلا أن نجاح أميركا في دفع الغرب إلى الوقوف معها لخنق هذا التيار لن يلقى نفس النتيجة في الوطن العربي، الأمر الذي يعني توسع هذا الحضور الإسلامي لبعض الوقت في دول مثل: الجزائر، المغرب، وتونس، وستبقى مصر الدولة العربية الوحيدة التي لا تشكل تهديداً للولايات المتحدة، إذ ستحتفظ القاهرة على مناهضتها لهذه المنظمات المتطرفة من ناحية، وعلى علاقتها بأميركا واوروبا من ناحية أخرى، ولكنها لن تستطيع منع الهجمات الارهابية على المصالح العربية·

- السيناريو الثالث وكما نشرته مجلة المشاهد السياسي، فإنه يتحدث عن عشرات آلاف القتلى في عام 0 2 0 2 في أميركا لوحدها، إضافة إلى عدد كبير من الضحايا في الغرب، ويرجع زينغر هذه الظاهرة كذلك إلىالإسلام الجهادي الذي سيسيطر على دول تضم 0 0 9 مليون مسلم على الأقل، وسيقوى حتى داخل أميركا ذاتها، بما يساعد الهجمات الارهابية داخل الولايات

المتحدة، وسيكون لهذا الحضور الاسلامي داخل اميركا انعكاسات على الحياة الامريكية بشكل أكثر تأثيراً مما كانت عليه زمن الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق· وأضاف أن الحضور الاسلامي يحظى بدعم وإسناد الجاليات الإسلامية في أوروبا وإفريقيا، لكنه سيُرفض في تركيا ووسط آسيا·

- السيناريو الرابع، يبشر سينغر الغرب بحتمية سقوط الإسلام الجهادي أو التيار الإسلامي المحارب ليس فقط بسبب الحرب الامريكية لهذا التيار، ولكن أيضاً بسبب قمع الأنظمة العربية الديكتاتورية لهذا التيار، وبشكل عنيف ودموي حماية لبقائها هي ذاتها، وبالتالي فإن الأنظمة العربية ستزداد في المرحلة المقبلة استبداداً وبطشا، وسيقابل هذا النمو الديكتاتوري تراجع كبير وواضح في الحياة الديمقراطية لهذه الدول·

ولتأهيل المنطقة وتعايشها مع ذاتها ومع العالم فإن الوثيقة تخلص إلى النتائج التالية:

- العمل على إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين وأن يتولى المؤتمر الوطني العراقي الحكم بدلاً من نظام حزب البعث، وتأسيس نظام ديمقراطي تحت الرعاية الامريكية·

- أن تطلب واشنطن من الحكومة السورية سحب قواتها من لبنان، والحظر عليها التدخل في الشأن اللبناني·

- الضغط على سوريا واليمن والسودان وليبيا، وإجبار هذه الدول على طرد المنظمات الإرهابية من أراضيها، وهو ما سيمكن العالم من تقليل عدد المنظمات الإرهابية الدولية وامكانية فرص اندماجها(19)·

شكلت معاهد البحوث والدراسات الامريكية خاصة التابع منها لنفوذ المحافظين الجدد، ومن بينها معهد هدسون للدراسات السياسية والاستراتيجية مراكز مهمة لتشكيل الوعي الامريكي وتلقين الرأي العام الامريكي الاسس النظرية والايديولوجية لليمين الامريكي المتطرف، القائمة على فكرة خوض حرب عالمية رابعة ضد التهديد الاسلامي (Islamic Threat) الذي برز بعد زوال التهديد الشيوعي ومن قبله الفاشي، وهي الفكرة التي أطلق عليها فيما بعد الحرب الاستباقية (preemptive war)· وكانت هذه الفكرة برزت للمرة الاولى بشكل مشروع متكامل عبر وثيقة صدرت عام 7 9 9 1 تحت عنوان : الاعلان الامبراطوري الامريكي تقدم بها عدد من الشخصيات الامريكية المحافظة وكان من بين الموقعين عليها: ديك تشيني ، دونالد رامسفيلد، بول وولفوفيتز، ريتشارد بيرل، جيمس وولسي، ··· ولم تلق هذه الوثيقة قبولاً لدى ادارة الرئيس الأميركي بل كلينتون ، وبمجيء الرئيس جورج دبليو بوش وأفراد طاقمه من اليمين المحافظ الذين كانت المواقع الرئيسية في هذه الادارة من نصيبهم تقدموا مرة أخرى بهذه الوثيقة، إلا أن تيارات سياسية أخرى رفضت بشدة مشروع الاحتواء بالقوة العسكرية الباطشة، غير أن هذا النزاع لم يدم طويلاً، فما لبث أن وقعت أحداث 11 ايلول ليتهيأ جو سياسي جديد غلب فيه تيار الانفرادية بالعالم·

وبعد مضي عام تقريباً على أحداث أيلول، وهي الفترة التي نفذت من خلالها استراتيجية الحرب الاستباقية على الارهاب ومكوناته الاساسية وفق هذه الاستراتيجية والتي في مقدمتها الاسلام الجهادي، تنبهت واشنطن بعد هذه المدة إلى أن هذه الاستراتيجية جلبت عليها وعلى مصالحها الكوارث، وأن هذه الحرب عبأت الرأي العام العالمي ضدها بشكل عام، والاسلامي بشكل أكثر تحديداً، بمشاعر الكراهية والغضب، خاصة وأنه تزامن مع التشدد في معاقبة وملاحقة الجماعات الاسلامية والدول الداعمة للارهاب تراخ امريكي وتسامح مع ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني·

ولعل الاخفاق الاكبر الذي منيت به الادارة الامريكية في استراتيجتها الجديدة، هو هذا الشعور بخيبة الامل بامكانية العثور في المنطقة العربية على قوى وانظمة ليبرالية تكون مؤهلة لقيادة قاطرة الديمقراطية في المنطقة العربية والاسلامية، بحيث تتمكن هذه القوى من تحقيق نجاحات في كسب ثقة شعوبها والتأثير عليها كما هو حجم التأثير الذي تمارسه الجماعات الاسلامية· من هنا ركز الرئيس الامريكي في أحد خطاباته: على أنظمة المنطقة بدلاً من أن تنشر الكره نحو الآخرين أن تستجيب لطموحات شعوبها و آمالهم وشدد في خطابه أمام الصندوق القومي للديمقراطية في واشنطن والذي انتقد فيه ما أسماه الافتقار إلى الحرية في الشرق الاوسط ، على أن كثيراً من الدول لم تشهد ديمقراطية حتى الآن، وهي دول مهمة وأن كثيراً من النساء والاطفال حكم عليهم باليأس(20)· هذا الاخفاق الامريكي في ايجاد أنظمة مقبولة شعبيا في المنطقة العربية تكون قادرة على كسب ثقة الشعوب كما تمنحها الاخيرة للجماعات الاسلامية، واكبه تعديل في النظرة المعلنة وأسلوب التعامل مع العدو الاسلامي باعتبار الاسلام هو الجدار التأسيسي لظاهرة الارهاب في العالم، ليبدأ الحديث داخل بعض دوائر القرار الامريكي عن الاسلام المعتدل، كما واستحضرت هذه الدوائر بعض الادبيات الامريكية المتعلقة بهذا البعد، والتي كان ابرزها الكتابات التي تقدم بها النائب السابق لرئيس الـ (C.I.A) والباحث في مؤسسة راند، غراهام فولر الذي رفض فكرة مقارنة الاسلام بالفاشية أو الشيوعية، كما رفض فكرة وجود مرجعية مركزية أو نص مركزي للمسلمين، وعليه فهناك أطياف اسلامية متنوعة، وأنه إذا لم تحسن الولايات المتحدة من تعاملها مع الأطراف المعتدلة فإنها بذلك تساعد في خلق المزيد من ظاهرة ابن لادن، وبالتالي فعلى واشنطن أن تخفف من سياستها في دعم الحكومات التي تسحق الاسلاميين(21)·

بل ان عدداً من الاكاديميين الامريكيين أصبحوا لا يترددون في التأكيد على أنه لا يمكن قيام أنظمة ديمقراطية في المنطقة بدون اشراك الاسلاميين(22)·

وبالفعل أخذت الدبلوماسية الامريكية في اعادة النظر بسياسة وضع الاسلاميين بسلة واحدة واخذت بالفعل باجراء اتصالات عديدة مع قيادات الجماعات الاسلامية المعتدلة في عدد من الدول العربية أبرزها تلك اللقاءات المعلنة التي تمت في كل من الاردن ومصر والتي جاءت في سياق التقارب الامريكي مع قوى وأحزاب اسلامية معتدلة تؤمن بفكرة التنمية السياسية وتداول السلطة·

وقد أكد المرشد العام السابق للاخوان المسلمين، مأمون الهضيبي، وجود اتصالات لشخصيات اخوانية مع شخصيات امريكية وفي مراحل مختلفة، كما وأعلنت الادارة الامريكية عن ترحيبها بنتائج الانتخابات التي فاز بها تيار اسلامي معتدل في كل من: تركيا ، المغرب، ايران، وهي انتخابات دفعت بجيل اسلامي جديد إلى واجهة العمل السياسي ·

وفي هذا السياق لم تشارك في الاردن جبهة العمل الاسلامي بالانتخابات النيابية حتى عام 3 0 0 2، حيث كانت الجبهة قد أعلنت مقاطعتها للانتخابات سنوات طويلة بسبب قانون الانتخابات الذي اعتبرته غير ديمقراطي وغير عادل، ومع ذلك دخلت الجماعة الاسلامية في الاردن الانتخابات ي ظل ذات القانون الذي انتقدته وقاطعت الانتخابات لأجله·

الصفحات