أنت هنا

قراءة كتاب المنفى الشعري العراقي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنفى الشعري العراقي

المنفى الشعري العراقي

كتاب " المنفى الشعري العراقي " ، تأليف د. علي ناصر كتانة ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

وبعينٍ أخرى تلامسُ الموتَ بالتمني الفخور:

كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا

وحسْبُ المنايا أن يكنَّ أمانيا

وفي قصيدةٍ (تعتبر سقطة شعرية) اندّسَ الموتُ يترقّبَ أبا محسّد:

ما أنصفَ القومُ ضبّةْ

وأمَّهُ الطُرُطبّةْ

وخارج أي حساب، تسرّبَ الموتُ أيضاً إلى بيتٍ آخر: كان حجمُهُ بحجم الحياة: فأمّا أن ينهزم ويتنكّر لشعره وأمّا أن يتمسّك به فيصـرعُهُ سيفُ الموت المتربّص:

فالخيلُ والليلُ والبيداء تعرفُني

والرمحُ والسيفُ والقرطاس والقلمُ

وباستثناء هجائهِ لضبّة، كان السيف مُشهَراً، في شعر المتنبي، بوجهِ مَن يماثلونه مقاماً أو لهم من السلطةِ ما لهُ من الشعر:

ووضعُ الندى في موضعِ السيفِ بالعلا

مضـرٌّ كوضعِ السيفِ في موضع الندى

أجل.. هو أبو الطيب المتنبي: شعرٌ لا يماثلهُ شعر، وحياةٌ لا تشابهها حياة شاعر آخر، وموتٌ يليقُ بالكبار: عندما يغتالُ الشعرُ شاعرَهُ.

وربما يكون المتنبي الشاعرَ الوحيد الذي استندتْ هجراتُهُ إلى أسبابٍ سياسية في اللجوء إلى المنافي العربية. فقد ولدَ بالكوفة ودرسَ فيها، ثم انتقلَ إلى بادية الشام، ليواصل الدرسَ هناك. أعلنَ شاعريته بعد عودته إلى الكوفة وبغداد. ومن هناك ذاعَ صيته.

ادّعى النبوة في بادية السماوة فالتفَّ حولَهُ الأتباع، إلاّ أن لؤلؤاً أمير حمص وعامل الإخشـيد تصدّى لمسعى المتنبي فأسرَهُ وسجنَهُ حتى رجعَ عن دعواه، ليواصل ارتياد المنافي. وما أن قُيّضَ له لقاء سيف الدولة الحمداني حتى أصبح شاعره المقرّب دونَ أن يهوّنَ نفسَهُ:

مَن يهنْ يسهل الهوان عليهِ

ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ

أمضى أبو الطيب في بلاط سيف الدولة بحلب تسع سنوات لم يكن خلالها مدّاحاً ذليلاً، بل كان ندّاً كلّما لاحَ له جفاءٌ من صاحبِهِ:

لِيعلمَ الجمعُ ممن لمَّ مجلسُنا

بأنني خير مَن تسعى به قدمُ

الصفحات