أنت هنا

قراءة كتاب المنفى الشعري العراقي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المنفى الشعري العراقي

المنفى الشعري العراقي

كتاب " المنفى الشعري العراقي " ، تأليف د. علي ناصر كتانة ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

ابن زريق البغدادي.. كأنما هو في حِلٍّ ومُرتحلٍ

إذا كان أبو الطيب المتنبي هو أول شاعرٌ عراقي يختار منفىً عربياً، فإن أبا الحسن علي (أبو عبد الله) بن زريق الكاتب البغدادي، هو أول شاعر عراقي اختار المنفى خارج حدود البلاد العربية (الأندلس) لأسباب اقتصادية. وقد كان المنفى بيئةً حاضنةً لقصيدته اليتيمة (لا تعذليه). وبالرغم مما يقولهُ بعض الباحثين من أن ابن زريق البغدادي شخصية وهمية اخترعَها شاعر عباسي، إلا أننا هنا نأخذُها بحضورها القوي في الذاكرة الثقافية العربية بعيداً عن ظنونٍ لا دليلَ عليها. ولا نتفق مع القول بالاختراع لأن للرجل نسباً ومهنةً ومقاماً في بغداد وتاريخ وفاة، كما تشـير إلى ذلك كتب التاريخ.

اضطرَّ ضنكُ العيش ابنَ زريق البغدادي إلى الهجرة من بغداد إلى الأندلس بحثاً عن حلٍ لمشكلاته الشخصية:

إنَّ الزمانَ أراهُ في الرحيلِ غِنىً

ولو إلى السدِّ أضحى وهو يُزمعُهُ

وبينما كان يعتزم الرحيل، وهو الذي:

ما آبَ من سفرٍ إلاّ وأزعجَهُ

رأيٌ إلى سفرٍ بالعزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ

مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

تصدّتْ له امرأتُهُ باللوم والعتب أن يتركَها وحدَها، قاطعاً البراري والبحار في رحلةٍ مجهولة، وفي فؤادها قلقٌ أن لا يعود إليها:

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يحمِلُهُ

فَضُيِّقَت بخطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ

ولكنه لم يصغِ لملامةِ امرأته ورغبتها الملّحة في بقائهِ إلى جانبها، يقتسمُ معها ما يرزقهما الله به، فالرزق مشـيئةٌ وليس أماكن:

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ

رزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ

لَم يخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ ترى

مُسترزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في الرِزقِ، وَالأَرزاق قَد قُسِمَتْ

بَغِيٌ ألا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصـرعُهُ

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه

إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

الصفحات