كتاب " الغربة والتغرب "، تأليف محمد عمر أمطوش ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الغربة والتغرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الغربة والتغرب
الجزء الأول
تصوران للتواصل
ما يتبادر إلى الذهن لما نتكلم عن التواصل هو السهم المنطلق من شخص إلى آخر. السهم يوحي بنقل مقصود لرسالة غالباً ما تكون شفوية من مرسل إلى متلق. الذي قد يتحول بدوره إلى مرسل وهكذا دواليك. التواصل يختلط إذا في اللغة العادية والمتخيل اليومي مع النقل والبث إذا لم يكن مع ما يُبَث أي المعلومة. هذه المختزلات وهذه الاختزالات نجدها في الأعمال حول التواصل الـتي تطورت في الولايات المتحدة في الخمسينات. والمثال الجدولي هو منوال التواصل الذي اقتـرحه شانون وويفر في 1949 الذي يرتكز بصريح العبارة على أبحاث تمت على عمل المبراق خلال الحرب العالمية الثانية. هذا الرؤية المبراقية للتواصل انتشرت بسرعة كبـيرة في العلوم الاجتماعية والانسانية وشكلت أرضية صلبة لعلوم التواصل الناشئة في الولايات المتحدة وكذا أوروبا. ومثلٌ يسمح بمقاربة حجم ظاهرة تقوية المـعنى المشتـرك لكلمة بتجريد علمي مبني على الرسوم (بعدة أسهم) وهو ما تقتـرحه علوم النفسيات الاجتماعية التجريبية. وقد يطول الكلام عن هذه التمثيل المبراقي الذي يغذي، وخاصة في فرنسا، أبحاثا في علوم المعلومات والتواصل. وعوض تبذير الجهد في محاولة البرهنة على اختزالية هذا المنوال من الأحسن تكريس الجهد للبحث عن منوال بديل يصف بدقة تعقد المسار التواصلي الذي يعايشه دائماً الفاعلون الاجتماعيون. هذا التصور الثاني سنسميه " جوقة منسقة" بغية التأكيد على التشارك في التواصل وقد نظر إليه كفعل اجتماعي تام.