قراءة كتاب المتاهة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المتاهة

المتاهة

كتاب " المتاهة " ، تأليف أيمن توفيق ،والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

كنت في طريق عودتي من القاهرة بعدما تسلّمت صورة العقد حينما بدأت تلك المعركة بداخلي في الاشتعال من جديد، لكنها سرعان ما خبت هذه المرة ولم يبق بداخلي سوى صدى صوت وحيد سيطر على تفكيري: «لن تخسر شيئاً إذا تقدمت بأوراقك للمنحة، ربما يتم اختيارك، ولم لا؟».

وهنا، قرّرتُ مجاراة ذلك الصوت لتجنب أيّ ندم مُستقبَلاً. كانت أوراق المنحة بحوزتي داخل حقيبتي الورقية التي تحمل كل أوراقي، تلك الحقيبة التي كانت شاهدي على ما عانيته في رحلة بحثي داخل أسواق العمل، لذا قررتُ إكمال رحلتي للإسكندرية لتقديم أوراقي في المقر الفرعي للهيئة المانحة هناك. لا أدري لماذا لم أتوجه إلى المقر الرئيسي في القاهرة رغم وجودي فيها؟ ربما لأن معرفتي بشوارع الإسكندرية أفضل بكثير، كما أن بحثي عن مقر الهيئة في القاهرة سيكون أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش، مع ترامي أطرافها، ناهيك عن تلك الفوضى المرورية الشديدة التي ستعوقني بالتأكيد عن الوصول في الوقت المناسب، قبل انتهاء ساعات العمل للموظفين، هذا في حال تمكنت من الوصول.

***

كانت الساعة تقترب من الثانية حينما حطّ «أتوبيس» النقل العام رحاله في آخر محطاته، في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية، فسارعتُ بالقفز خارج «الأتوبيس» قبل أن يتوقف بشكل نهائيّ. قطعتُ الشارع المواجه للمحطة مسرعاً نحو مدخل النفق الذي يمرّ أسفل محطة القطار كي أتمكّن من استقلال «الترام». اصطدمتُ بشخص ما في طريقي. اكتفيتُ بالاعتذار له بإشارة من يدي دون أن أتوقف أو ألتفت إليه، ويبدو أنه لم يقبل اعتذاري، ظلَّ سبابه يترامى إلى مسامعي حتى ذاب صوته وسط تلك الأصوات الكثيرة المنبعثة من كل مكان. حينما خرجت من الجهة الأخرى من النفق، لم يكن أمامي وقت كاف أضيعه في اجتياز الشارع للجهة المقابلة عبر استخدام جسر المشاة، فقررتُ قطع الشارع وإيقاف نهر الطريق المتدفّق بغزارة في الإتجاهين. لم أنتظر بعدها سوى دقيقة أو اثنتين قبل أن أصعد إلى «الترام» الذي مرّ في طريقه بكلية الآداب التي قضيت فيها سنواتى الجامعية الأربع. صحيح أن ذكرياتي قليلة في فترة الجامعة لأنني لم أكن أواظب على الحضور لانشغالي بالعمل، لكن رغم قلة تلك الذكريات ما زلت أجد بداخلي حنيناً إليها.

ترجلت عند آخر محطة لـ«الترام» في منطقة الرمل، ومن هناك أكملت طريقي الذي لم أكن أعرفه سيراً على الأقدام، لذا قررت أن أسال أحد المارّة، لكنه لم يتعرف على ذلك العنوان الذي كتبه لي صديقي داخل ورقة صغيرة، فاستوقفتُ آخر شرح لي الطريق بتفاصيلها، لكن لم يعلق بذهني سوى ما أشار إليه بيده في بداية حديثه قائلاً: «اسلك ذلك الشارع إلى آخره، ومن هناك انعطف يميناً...».

وحينما انعطفتُ يميناً قرّرتُ سؤال آخر، فأشار هو الآخر بيده قائلاً: «هل ترى ذلك الشارع؟ اجتزه لآخره، ثم انعطف يميناً فيساراً، وعندها ستجد إشارة مرور، اسأل هناك». سرتُ كما وصف لي، وحينما وصلتُ إلى إشارة المرور قرّرت سؤال الشرطي الذي ينظم حركة المرور في ذلك الملتقى المروري للعديد من الشوارع المتقاطعة هناك.

الصفحات