أنت هنا

قراءة كتاب ما يعرفه أمين وخمس روايات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ما يعرفه ..أمين وخمس روايات أخرى

ما يعرفه أمين وخمس روايات أخرى

كتاب " ما يعرفه ..أمين وخمس روايات أخرى "، تأليف مصطفى ذكري ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر).
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 6

خرج أمين إلى الردهة، واتّجه إلى الثلاجة بجوار النيش المضيء، ثم فتح باب الثلاجة السفلي، وأخذ منها زجاجة ماء، ثم أغلق الباب السميك.

اتّجه ناحية المطبخ وبسرعة مذهلة على الثلاجة وفتح بابها السفلي. يغلقه بقوّة، يتحسّس بأصابعه باب الفريزر العلوي، ويضغط عليه إلى الداخل، ثم يلتفت ناحية المطبخ، ويسير في اتجاهه وهو ينفخ شدقَيه من الغيظ، ويهزّ برأسه متعجّبًا. يدخل المطبخ، ويأخذ كوبًا فارغًا من الزجاج، ويضعه على الرخامة ويسكب فيه الماء، ثم يترك الزجاجة على الحوض ويرفع يده بجوار نافذة المطبخ الصغيرة عند مروحة الطرد ويسحب ذراع الغاز الطبيعي الرئيسي للشقة إلى أسفل، ثم يأخذ كوب القهوة وكوب الماء ويخرج.

وضع كوب القهوة، وكوب الماء على الكومودينو تحت ضوء الأباجورة الضعيف، أخذ كوب الماء الآخَر وقد زالت عنه طبقة البخار الكثيفة، وأصبحت قطرات الماء على سطحه الخارجي متباعدةً وبارزة. صوت الرجل والمرأة في الإعلان التليفزيوني عن السمن الصناعي يأتي إلى أُذن أمين دون أن ينظر إليه:

ـ طلب تحابيش!

ـ طلب تحابيش والذي منه؟

ـ لأ.. تحابيش بس.

خرج أمين من غرفة النوم وفي يده كوب الماء، وملامحه تبدو جادّة وصارمة، وبها شيء من القنوط والملل. ومرّ بجوار باب الشقة الخارجي فتحسّس بأصابعه ميدالية مفاتيح في كيلون الباب. أغلق الباب بتكّتين متتاليتين سريعتين، ثم دخل المطبخ، ووضع كوب الماء على رخامة الحوض، ثم أخذ زجاجة المياه وخرج بها عابرًا الردهة إلى الثلاجة. قبل أن يصل إلى الثلاجة بخطوتينِ وبحركة مباغتة غيّر اتجاهه، ناحية غرفة المكتب.

دخل مسرعًا وفي يده زجاجة المياه، نظر وراء باب الغرفة من الداخل بشكل سريع، ثم تقدّم ناحية المنضدة الرخامية وسكب ماء قليلًا في المنفضة الكريستال السميكة فطفَت أعقاب السجائر على سطح الماء. تحسّس أمين بأصابعه أطراف بعض الكتب وكعوبها، ثم رفع قليلًا رأس الأباجورة الهوائية، ثم خفضها كما كانت.

ترك غرفة المكتب وفي يده زجاجة المياه، وفتح باب الحمام بجوار الغرفة على مصراعه، ويدُه الخالية أضاءت النور الكهربائي قبل أن يدخل الحمام بسرعة، ثم نظر كعادته وراء باب الحمام، ثم أشعل السخّان المعلّق على الحائط، ونظر إلى نفسه في المرآة الكبيرة أعلى الحوض، ثم خرج إلى الردهة وفي يده زجاجة المياه، واتّجه إلى غرفة أخرى.

دخل أمين الغرفة المضيئة، نظر وراء الباب بتحفّز شديد، ثم تأكّد من أنّ نافذة الغرفة مغلقة، ثم فتح الدولاب الكبير المملوء بالملابس المرتّبة في عناية وأخذ بعض الملابس الداخلية و«بشكير كبير» ووضع كلّ هذا على كتفه، وزجاجة المياه ما زالت في يده، وقبل أن يخرج تمامًا يعود على عقبَيه وبسورة غضب وانفعال يفتح جميع ضلف الدولاب وهي تصطفق. عيناه مفتوحتان على اتساعهما وهو ينظر نظرات زائغة داخل الدولاب، ثم يخرج من الغرفة وعلى كتفه الملابس الداخلية والبشكير وفي يده زجاجة المياه.

عبر أمين ردهة الشقة مسرعًا إلى الحمام، وفي الحمام علّق الملابس على مشجب خلف الباب ووضع زجاجة المياه على حافة البانيو، ثم وضع سدادة البانيو في مكانها أسفل الحوض، ثم أخذ زجاجة المياه وخرج من الحمام.

واتجه إلى عمق الردهة ناحية الثلاجة ذات البابين وعلى وجهه آثار التعب والضيق، فتح باب الثلاجة السفلي فسقطت مباشرة حزمة من الضوء أسفل الثلاجة على الباركيه اللامع، وبدا الإحساس بسقوط الضوء إلى أسفل قويًّا. وضع زجاجة المياه في مكانها بجوار زجاجات مياه مصفوفة في باب الثلاجة، ثم أغلق الباب ووقف وسط الردهة وهو يؤرجح يدَيه للأمام وللخلف فتصطفق يداه من أمامه ومن خلفه، ويظهر على ملامحه مللٌ وقنوطٌ وهو ينفخ الهواء بفمه. اقترب من باب الشقة الخارجي، وتحسّس بأصابعه الرتاجين النحاسيين الكبيرين أسفل الباب وأعلاه، عبث بأصابعه في سلسلة المفاتيح، ثم ضغط على المفتاح في اتجاه الغلْق فلم يتحرّك المفتاح، يزداد أمين في الضغط على المفتاح، والمفتاح لا يتحرّك، يجذب أمين، بكلتا يدَيه وبكلّ قوّته، الباب من الكيلون البارز قليلًا إلى الخارج والباب يهتزّ ويصوّت في يديه.

يأتي صوت المذيعة إلى أذن أمين واضحًا قويًّا معلنًا عن بداية فيلم «غير المنسجمين مع المجتمع»، يزداد جنون أمين، وتجحظ عيناه ويداه قابضة على الكيلون، ثم بحركة سلسة ومتتابعة يضغط على المفتاح في اتجاه معاكس فتتعاقب تكّتا الكيلون بسرعة شديدة كأنّهما تكّة واحدة، ويشدّ الرتاجين النحاسيين أسفل الباب وأعلاه في اتجاه الفتح. ينفتح الباب في يديه وقبل أن يصرخ وبتوقيت متزامنٍ مدهش تندفع يدٌ من فُرجَة الباب وتنقضّ على فمه. وتنغرز في وجنتَيه، يستسلم أمين لليد القوية، ويخرج معها وصوته يغمغم تحت اليد المُحكمة.

يستدير أمين أمام باب الشقة في حيّزٍ ضيّق جدًّا، ويده اليسرى تقبض على حديد شراعة الباب. مازالت اليد تقبض على فم أمين، وتمنعه الصّراخ. أين يد أمين اليمنى؟ بحث أمين عن يده اليمني بعينين زائغتين، وتتبّعها من أعلى الكتف مرورًا بالمِرفق الذي رفعه قليلًا في الهواء كي يراه، وانتهاءً بالكفّ القابضة على فمه. رفع أمين يده اليمنى ببطءٍ شديدٍ عن فمه ونظر بذهولٍ إلى أصابع يده، ثم فرد ذراعه اليمنى أمام عينَيه، وتتبّعها مرّة أخرى إلى أعلى الكتِف. ترك أمين حديد الشراعة، والتفت إلى مدخل العمارة حيث الشارع. قطع أمين الدرجات القليلة المؤدّية إلى الشارع بسرعة وخوف وفزع.

الصفحات