أنت هنا

قراءة كتاب ما يعرفه أمين وخمس روايات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ما يعرفه ..أمين وخمس روايات أخرى

ما يعرفه أمين وخمس روايات أخرى

كتاب " ما يعرفه ..أمين وخمس روايات أخرى "، تأليف مصطفى ذكري ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر).
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 9

السوبر ماركت من الداخل عميق وضيق، يزيد من ضيقه ثلاجة البقالة البيضاء الزجاجية التي تلتهم جزءًا كبيرًا من المساحة، بحيث أن ضلفتي الدكان لا يمكن فتحهما على اتساعهما، بالكاد ضلفة واحدة مفتوحة والأخرى مختفية وراء جزء من الثلاجة. في العمق كلُّ شيء مكدّس، علب ألبان النيدو الكبيرة مرصوصة فوق بعضها وتصل إلى السقف، جرادل بلاستيكية مليئة بالخيار المخلل والبصل والأورمة الصغيرة والزيتون، المقشات البلاستيكية بمختلف أشكالها وأحجامها معلّقة بكميات كبيرة في العمق.

فوق الثلاجة ماكينة تقطيع البسطرمة بقرصها الدائري الكبير وبجوارها ماكينة حسابية، بين الماكينتين يظهر وجه فريد، وهو رجل تجاوز الخمسين له ملامحُ صارمة وقاسية، على أرنبة أنفه نظارة بُعد نظر أنيقة سوداء شديدة الأفقية، حدودها العلوية بغير إطار. يبدو في جلسته مرتفعًا جدًّا عن مستوى أرض السوبر ماركت، في حيّزٍ ضيّقٍ بين ضلفة الزجاج المقفولة دومًا وهيكل ثلاجة العرض، بجواره تليفزيون صغير أبيض وأسود لا تَظهر شاشته كثيرًا للداخل من الباب. ينظر فريد إليّ نظرة جامدة لتحثَّ أمين على الحديث ومع ذلك يقول وهو ينظر إلى الخارج:

ـ مساء الخير!

ينظر فريد إلى الروب المفكوك على جسد أمين وإلى تهتّك قماش البيجامة عند إحدى الركبتين التي تبدو مبقّعة بالدم. ينظر أمين إلى ركبته وهو يلمّ بالحزام شعثَ الروب الشتوي الثقيل ويقول وهو يشير إلى التليفزيون الذي يعرض مسرحية «ريا وسكينة» بصوتٍ منخفضٍ:

ـ معلش.. أصل كنت مستعجل عشان ألْحَق الفيلم الأجنبي اللي على القناة الثانية.

أشار أمين إلى ركبته وقال وهو ينظر إلى فريد ويبتسم ويدفع نظارته الطبية على عينيه:

ـ وبعدين اتكعبلت في حَجر، وزي ما انت شايف ركبتي اتجلطت. أصل ساعات الأفلام الحلوة تخلّيك عاوز تبقى كلّ حاجة جنبك.. شايك وقهوتك وسيجارتك وعشاك.

عند هذه الكلمة الأخيرة فقط نظر فريد إلى عمق السوبر ماركت بجلالٍ شديدٍ والنظارة الأنيقة ساقطة على أنفٍ مهيبٍ ضخمٍ وقال رافعًا حاجبَيه قليلًا، وبصوتٍ هادئ وقور لا يقطعه سوى صوت التليفزيون الضعيف، وصوت ترانس صغير للمبة فلورسنت بالقرب من مدخل السوبر ماركت:

ـ جمال! المعتاد بتاع أمين بيه.

أخذ فريد ورقة صغيرة وقلمًا، وكتب وهو يقول بصوتٍ مرتفعٍ بعض الشيء، بينما صبي صغير صامت بدأ في تحضير الطلب متنقلًا بين ماكينة البسطرمة، وجرادل المخلّل. صوت فريد وصوت الصبي يتجاوبان دون نظرة واحدة وكأنّهما في معزوفة موسيقية مُتقَنة:

ـ تمن بسطرمة.. تمن جنبة رومي!

ـ تمن بسطرمة.. تمن جبنة رومي.

ـ ربع جبنة دوبل كريم!

ـ ربع جبنة دوبل كريم.

ـ ربع حلاوة!

ـ ربع حلاوة.

ـ ربع زيتون مشكّل!

ـ ربع زيتون مشكّل.

ـ ربع مشكّل، خيار وبصل وجزر!

ـ ربع مشكّل، خيار وبصل وجزر.

ـ عشرة فينو سنّ!

ـ عشرة فينو سنّ.

ـ بيبسي كبير!

ـ بيبسي كبير.

الصفحات