أنت هنا

قراءة كتاب أصول علمي الإجرام والعقاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أصول علمي الإجرام والعقاب

أصول علمي الإجرام والعقاب

كتاب " أصول علمي الإجرام والعقاب "، تأليف د. طلال أبو عفيفة ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 4

المبحث الثاني

أهمية علم الإجرام

منذ ظهور المدرسة الوضعية بقيادة العالم الإيطالي (لمبروزو) ظهر الارتباط جلياً بين علم الإجرام الذي يبحث في أسباب الجريمة والسياسة الجنائية باعتبارها تهدف إلى حماية المجتمع ضد الجريمة. وعلى ضوء التطورات التي لحقت بعلم الإجرام والتي بينت أهمية العوامل الاجتماعية في وقوع الجريمة ومهدت الوصول إلى معرفة مدى قابلية المجرم للإصلاح، وبتطور مبادئ السياسة الجنائية لعلم الإجرام ظهر الاتحاد الدولي لقانون العقوبات وغيره من المدارس الوسطى، ثم نشأ مذهب الدفاع الاجتماعي في صورته المتطرفة على يد الأستاذ (كراماتيكا) ثم في صورته الجديدة المعتدلة على يد المستشار (مارك آنسيل). ولعب كل من هذه السياسات دوراً في تفسير ظاهرة الإجرام وحق المجتمع في العقاب(14).

لهذا، فإن نظريات علم الإجرام وأبحاثه ودراساته كان لها مساهمة فعالة في الكشف عن الحالات الخطرة التي تنذر بوقوع الجريمة، مثل حالات التشرد، والإدمان على المواد المخدرة والكحولية، والبغاء والمقامرة. فمثل هذه الحالات تقود إلى ارتكاب الفعل الجرمي، وكشفها قبل تنفيذ الجريمة واجب يقع على عاتق رجال الأمن لمنعها وعلاجها باتخاذ التدابير الوقائية منها. ولتحقيق هذه الغاية يقوم الباحثون والمختصون الاجتماعيون ومن لهم علاقة بهذا الشأن بإجراء أبحاثهم ودراساتهم الميدانية على الحالات الخطرة التي تنبئ عن

سلوك إجرامي، إذ تتيح هذه الدراسات الوقوف على عوامل الجريمة سواء كانت فردية أم اجتماعية، وتنبه السلطات المختصة في الدولة لاتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية اللازمة لمواجهة هذه الظواهر الإجرامية والحد منها(15).

كما أن لدراسة علم الإجرام أهمية كبيرة، لأن تحديد الأسباب أو العوامل التي تؤدي إلى وقوع الجريمة هو الأساس الذي لا غنى عنه لتفريد العقوبة(16) تشريعاً وقضاءً وتنفيذاً(17).

فمن حيث التفريد التشريعي للعقاب

يستعين المشرع بأبحاث علم الإجرام ليقرر لكل طائفة من المجرمين العقوبات التي تتناسب مع ظروفهم، من أمثلة ذلك أن يقرر المشرع للمجرمين الأحداث عقوبات تندرج معهم بحسب سنهم، وهي بمجموعها أخف من العقوبات التي يقررها لغيرهم من المجرمين. وهذا ما فعله المشرع الأردني في قانون الأحداث رقم (24) للعام 1968. كما قرر المشرع الأردني عقوبة على تظهير الشيك أو تحريره بصورة تمنع من صرفه من خلال القانون المعدل رقم (9) لسنة 1988.

وهكذا، يفيد الباحث المشرع في علم الإجرام في صياغته للقاعدة الجنائية(18)، سواء فيما يتعلق بشق السلوك (أي تحديد العناصر والأركان المادية التي تعطي للجريمة وصفها

القانوني) أو كذلك فيما يخص شق الجزاء (أي تحديد الجزاء أو التدبير الاحترازي الذي يجب توقيعه على الجاني)(19).

من حيث التفريد القضائي

يستفيد القاضي من الإحاطة بالدوافع التي حدت بالمجرم إلى ارتكاب الجريمة في تقديره للعقوبة المناسبة لظروف كل جريمة، وذلك في نطاق سلطته التقديرية حيث يمنحه القانون سلطة تقدير العقوبة المناسبة بين حد أدنى وحد أقصى للعقوبة، أو في حكمه بإيقاف تنفيذ العقوبة بالنسبة لبعض المجرمين وبشروط معينة، إذا رأى من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون.

ومن الأنظمة التي استنبطتها التشريعات الجنائية المعاصرة استناداً لدراسات علم الإجرام، في مجال التفريد القضائي للعقوبة: نظام الاختبار القضائي والإفراج الشرطي، بغية تأهيل المجرم وإصلاحه(20).

من حيث التفريد التنفيذي

تفيد معرفة أسباب ارتكاب الجريمة في تنفيذ السلطات المختصة للعقوبة المحكوم بها على المجرم. ففي ضوء الظروف التي ارتكب المجرم فعله تحت تأثيرها تتحدّد طريقة تنفيذ العقاب، فيراعى في ذلك مثلاً سن المجرم حيث يودع الأحداث في مؤسسة غير التي يودع فيها الرجال، أو جنسه إذ يودع النساء في مؤسسة مستقلة، أو خطورته فيودع مرتكبو الجريمة لأول مرة في مكان غير الذي يودع فيه العائدون إلى الجريمة أو معتادو الإجرام. كذلك يسند إلى المحكوم عليهم أعمال تتفق مع ميول كل منهم.

ولعلم الإجرام أثر كبير في تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل والاهتمام بالجوانب الصحية والنفسية والدينية والتعليمية للمحكوم عليهم. كما أن العديد من المنظمات الدولية قامت بعقد

مؤتمرات دولية في مجالات مختلفة كما أنشأت منظمة الأمم المتحدة قسم خاص بالدفاع الاجتماعي لوضع الخطط اللازمة لمكافحة الجريمة والوقاية منها. وعلى الصعيد المحلي، فلقد أنشأت الجمعيات والهيئات والمنظمات المحلية الرسمية والخاصة لدراسة أسباب الجريمة وسبل علاج السلوك الإجرامي، كما حظي هذا العلم أيضاً باهتمام عدد من الجامعات التي أدخلته ضمن برامجها التدريسية في كليات الحقوق(21)، وخاصة كليات الحقوق في الجامعات الفلسطينية والأردنية.

الصفحات