كتاب " كان " ، تأليف زياد صلاح ، والذي صدر عن دار موزاييك للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجواء الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب كان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مرايا متقابلة
(شاهد):
لَمْ أكن أبحث عن ذلك النوع الشائع من الأصدقاء الذين لا يستطيعون أن يمضوا معي إلاّ على أقدامهم، أو يصغوا إليّ إلاّ إذا تكلّمْت.. أو يروا ما أرى إلاّ بأعينهم التي في رؤوسهم.
كنتُ أجلس وحيداً كعادتي في مكتبة الجامعة الأردنية.. بينما - أشعر وليس على غير العادة - بأني أجلس في مكانٍ آخر.
لَمْلَمْتُ أوراقي، ووضعت قلمي في جيبي، ثم نهضْتُ متجهاً إلى الباب الرئيسي للمكتبة.
في حلْق الباب تماماً.. تواجهنا لأول مرّة.
ليس ببساطة كما في ظاهر الأمر، أراد كلٌّ منا أن يُفسح الطريق للآخر..
فاصطدمنا ببعضنا بقوّة.. ولكن.. دون أن يمسَّ أحدنا الآخر!
قلْتُ بلا مقدّمات: اسمي "شاهد".
فقال دون تردّد: أنا "مثال".
كأنّنا كائنان مجرّدان يسيران على رصيفٍ افتراضيّ، بعد أن يَخلع كلٌّ منهما حذاءه، ويُلقي به خلف ظهره، فيرتطم برأس الواقع النائم تحت الأشجار القريبة، فيستيقظ من نومه.. دون أن يراه أحدٌ غيرنا.. ويصرخ بأعلى صوته.. فلا يسمعه أحدٌ سوانا.
تذكّرتُ أنني رأيته من قبل.. وتخيّل أنه سيراني لاحقاً...
كلانا كان يدرس في كليّة التربية بتخصص "علم النفس".
لقد بدا لنا في ذلك الوقت أننا أشبه ما نكون بمرآتين متقابلتين.. تتناسل فيهما الصور إلى ما لا نهاية...
تماماً كما في صالونات الحلاقة.
تصافحنا، وكأنّنا نعتذر سلفاً عن لقاءٍ منْتَظَر.. ثم افترقنا على أمل أن نلتقي مرّةً أخرى.. ولو في حلْق بابٍ آخر.
كان يظنُّ بأنه يصافح شخصاً ثالثاً.. أما أنا، فلقد كنت أشعر أنني أصافح نفسي.