أنت هنا

قراءة كتاب كان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كان

كان

كتاب " كان " ، تأليف زياد صلاح ، والذي صدر عن دار موزاييك للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجواء الكتاب :

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

السجن المفتوح

(هو):

: "الدوّار الأول" من جديد...!

قالت وهي تبتسم.. وأشاحت بوجهها عنه.. إمعاناً منها في النظر إلى وجهه من زاويةٍ أخرى.

ثم تساءلتْ بدهشةٍ: كيف وجدتني؟

فأجاب متروّياً:

- عندما كنتُ طفلاً صغيراً.. كنت أحياناً أغمض عينيّ لكي لا يراني أحد. وكلّ ما في الأمر؛ أنّكِ لم تفعلي ذلك الآن حتى لا أعثر عليكِ!

وبعد أن واءمت ببراعةٍ بين أحاسيسها وأفكارها.. ردّتْ بصوتٍ خفيض:

- أشعر أنني أحمل في حقيبتي الصغيرة هذه مجموعةً نادرةً من الصُدَف.. فأُخرِج منها ما أشاء.. وقتما أشاء.

نظر إلى السحب الرماديّة وهي تندفع نحو الأفق.. وتنزع وشاحه المصبوغ بحمرة الشفق.. وهو يردّد كلماته المموسَقة:

- كم هو جميل هذا اللقاء العابر.. في مثل هذا الجوّ الماطر...!

كنسمةٍ دافئةٍ أطلَقَتْ أنفاسها في الفضاء البارد.. وبصوتٍ أنثويٍّ رقيقٍ متناغمٍ مع الإيقاع الخافت لرذاذ المطر قالت:

- إنه طقسٌ ساحر.. أتدري.. بقدْر ما تدفعني رغبةٌ جامحةٌ إلى معرفة اسمك.. هنالك رغبةٌ أخرى ليست أقل جموحاً، تحفزني على النظر إلى ما وراء الأسماء...

- حسناً.. دعينا إذاً نختبر أنفسنا فيما تشدو به "سفيرة النجوم".. في أغنيتها الرائعة: "أسامينا"...

وبحركةٍ لا إراديّةٍ منها أغمضتْ عينيها وهي تهزّ رأسها.. وكأنها طربت لتلك الأغنية دون أن تسمعها...

لقد أرادتْ، ومنذ اللحظة الأولى، أن تغلق أمامه كلّ السبل، حتى يظلّ محبوساً في قلبها...

أمّا هو، فلقد أدرك منذ البداية، أنها تمتلك القدرة الكافية، على ألا تفرق بين الحبّ.. والحياة.. والحريّة...

وأن قلبها أشبه بسجن مفتوح...

ما إن باعدت بين أجفانها بعد لحظات.. حتّى لم تعد تجده أمامها.. فتذكّرتْ ما قاله لها في بداية اللقاء.

أدركها الندم الذي لم تكن يوماً تحبّ الالتفات إليه.. فاستدارتْ إلى الخلف، وشعرت كأنها استيقظت للتوّ من النوم.. وهي واقفة على الرصيف.

لم يسمح لنفسه أن يتصوّر بأنها لم تعد تراه.

همسَتْ إحدى عينيه للأخرى: يا الله كم هو رائع مشهد هذه الفتاه الجميلة والحزينة.. تحت المطر...!

هبطَتْ وهي ساهمة، وقد لفّها الوجوم، إلى وسط البلد. أما هو، فلقد مضى في حال سبيله.. دون أن يعرف ما هو اسمها...

ولكن..

ليس دون أن يراها تقف بانتظاره من جديد.. وكأنها لم تذهب بعد إلى حيث لا يتوقع.. ولا تريد.

الصفحات