كتاب " من... الى حبيبة " ، تأليف السيد هاني فحص ، الذي عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب من... الى حبيبة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
"بُنَيَّا.. وسيطي إليَّا.. وسيلة نقلي لحقل تقصِّر عنه العيون.. تأملت كيف كبرت أبا وكيف الأبوة تطوي الصبا.. أانت زمان يطيل زماني".. في مثل هذا اللعب على اللفظ والمعنى، وكأن (الواحد) الزمان مثلاً، متعدد.. يكمن الشعر، لأنه لون من اللعب في نظام الأشياء، مكاناً وزماناً وغيرهما، لعب يكشف أو يكتشف المعنى الآخر المتمم للمعنى الأول جمالاً وعمقاً وحقل دلالة يتسع باتساع القلب والعقل والجرح والرجاء.
"فذاك مخاض الصباح، لقاح الرياح، وهذا خراج يعود إليا.. يوزع جسمي عليا".. يا رشيد تكفيك هذ القصيدة، تكفيك هذه اللعبة على حبال اللغة المتينة.. وكأن لقدميك عيوناً توسع رؤيتك، فلا تقع.. وفي قصيدته "خمستهم".. يقدّم لنا رشيد درباس سيرة ذاتية بلغة أخرى.. فلا هو محام.. أو ذاهب الى كرسي في الدولة المترددة، كتب قصيدة يعبر فيها عن خشيته من ذاك الكرسي، ونحن نشاركه هذه الخشية، ولكننا مطمئنون الى سلامته من وخز الكراسي وموادها اللاصقة.. يقول رشيد:
"أنا جدّ لخمستهم.. وعبد رهن همستهم
ولعبتهم متى منحوا.. فؤادي طرف نظرتهم
وسكُّرهم يذوب جوى.. على أطراف لمستهم
ومرسمهم وريشتهم.. وألوان للوحتهم
فروحي أينعت ثمراً.. على أفنان بسمتهم
أراهم أنملاً جمعت.. زماني تحت قبضتهم".
كنتُ أود أن أكتب القصيدة كلها، لولا أنها بكاملها في الديوان.. فأقرأوها.
وأنا أحببت بدوي الجبل لأمور كثيرة وقصائد عديدة. أما أحبّ شعره إليّ فهو قصيدته في حفيده، وهذه الاحتفاليات الباذخة بحبوه أو خطوه أو نطقه بلغة مختلفة ولكنها أشد ألفة.. وأحببت سليمان العيسى، لا لعقائديته وشعاريته الضيقة، بل لشعره للأطفال وقصيدته في ولده معن وابنته بادية، وأحببت والد صلاح عبد الصبور وصلاح من قصيدته فيه وما زلت أذكر وصفه للحيَة أبيه (الملح والفلفل لوناها).. لأني وجدت الشاعر كيف يرتفع عندما ينـزل الى مكوناته فتظهر انسانية.