أنت هنا

قراءة كتاب من... الى حبيبة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من... الى حبيبة

من... الى حبيبة

كتاب " من... الى حبيبة " ، تأليف السيد هاني فحص ، الذي عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 5

عندما يستولي الشيب على رشيد درباس، أو عليّ، أو عليك، نكابر، نروح نجرب احتمالات الشباب والفتوة، نتسلى أو نسلو قليلاً، ريثما يدهمنا الخوف من تهمة الخرف، فنقلل شيئاً من عقلنا المفارق، نذهب الى عقلنا الجواني. الكوني أو التكويني. فنتعمد الطفولة، ونرتدي أحلامها السوريالية، نقيم في الطفولة، رفاقاً للأحفاد، أتراباً للأباء والأمهات، مفرطين في الحب حتى لا نفرّط بالرحم، مندهشين بمعنى الأبوة، مذهولين من معنى الأمومة، التي لا شرط عليها، لأنها هي شرط الحياة ونبعها، وهي الأجدر أن تكون مصبّها.. ولعل رشيد درباس المستمتع حتى الثمالة، بزمالة أحفاده، وحضور أبيه وأمه، كأن لم يفارقا ولم يفترقا.. لعله أنشد كثيراً وكثيراً، حتى التفاصيل، الى مصر، حتى ليبدو في قصيدته أو قصائده عنها وحولها، كدليل سياحي، يتعرف، يعيد التعرف، أثناء تعريفك، بالأقصر، بآمون وهذه الاعمدة الناهضة كغابات من حرف الألف، تكثيفاً للوحدة والتوحيد، ويكاد يعيد الألوان والرموز في وادي الملوك، الى عناصرها الأولى ليقول لك إن من حق مصر أن تكون أم الدنيا.. وهل الدنيا غير دنيانا نحن هنا آخر أسيا في غزة، وأول افريقيا في قاهرة المعز أو الفسطاط.

اعزائي.. اقرأوا معي أو اسمعوا هذا الطفل المجلل بالشيب وكتب القانون، يفلت من حلقة الرقص مع أحفاده، فإلي اين يذهب ؟ يذهب الى أبويه، يقول في قصيدته (حفرة في السماء): "رششت التراب كما ينثر الورد في عرس امي.. بطرفة عين زففت الضياء الى مُدْلَهَمِّ.. أهذا أبـي بازغاً من ثراه، يهم بضمي ؟.. يجدد عقد القران عليها، يكفكف غمي".

هل هناك طفولة وبراءة ونضج أكثر من هذا الحلم.. الذي يبدل القوانين فيؤكدها: "سألبس ثوباً من الياسمين.. وأخلع يتمي".. مشاركة مني لرشيد فرحه بتجديد زفاف أمه لأبيه.. أقف "في مهب الحبر" كما يقول ويعارض رشيد درباس المتنبـي في قصيدته عن يأسه وبرمه وخيباته.. وهو حاشد بها لأن طموحه كان أكبر من الفرص التي تتوافر لأهل المواهب.. "كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً وحسب المنايا أن يكن أمانيا".

كأن المتنبـي – مستشار العرب على ما نعته نـزار قباني- قد فرض نفسه معياراً فنياً لكل من يراوده الشعر فيعارضه بقصيدة تكتفي، لتحرز اعترافاً بها، بأن تعد في طول قصائد المتنبـي لا في عرضها.. وكثيرون من أهل الذوق لا يواتيهم الشعر كتابة، ويواتيهم ذوقاً وتذوقاً فيذهبون الى المتنبـي يحفظونه ويتلونه ويتمثلونه كما لو أن الواحد منهم شقيق أبـي الطيب أو حفيده أو خليفته أو وصيه على شعره (عصام العطار، الطيب الصالح، جان عبيد أمثلة).

غير ان رشيد درباس يعارض قصيدة المتنبـي، فالرجل، رشيد، طموح، ولكن بواقعية ومع قليل من الحساسية فإن لم يصل لم يفجع مثل كل العقلاء الذين لا يخفون مطامحهم ولا يهدمون الدنيا اذا لم يصلوا ! ومن هنا جاءت قصيدته المعارضة بالمعنى الفني لا السياسي والعياذ بالله (أباريق للياء) ممتلئة فرحاً وظرفاً. "كفى بك سحراً أن ترى الشعر سارياً وحسب الأغاني أن يكنّ غوانياً.. تلوذ بك الأوتار تذرف لحنها.. كما ذرفت عين السحاب المراعيا".

الصفحات