كتاب " من... الى حبيبة " ، تأليف السيد هاني فحص ، الذي عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب من... الى حبيبة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أما أن يتأبى المستمتع بالفن على الوصول، فهذا يعني أنه قد وصل، والوصول لا يعني وعي الوصول، بل الوصول يعني الامتلاء بالأصول "متعة التحليق حين الريش لا يبغي وصولاً".. وما أجمل الاستحالات !!!
سوف أضع حداً لاندفاعاتي مع رشيد درباس حذراً من أن تكون كتابتي التفصيلية مؤشراً سلبياً على قدرة ورغبة القارئ بالاستمتاع بهذا الديوان، الذي قد يكون آخر الدواوين، إذا ما قدّر الله أن يفجعنا بتولي رشيد درباس حقيبة وزارية فيريح بذلك المواطنين.. ويخسر قراء الشعر.. هنا فقط نضحي بمتعتنا من أجل مواطنتنا..
وننتظر رشيد درباس عائداً الى بيته في عمارة الشعر.. ولو بعد حين، لأنه لا يستطيع أن يتوب عن هذا الخطأ الجذاب وهذا الذنب المغفور.. أو هذا الذنب المندوب.
"فما الشعر الا ارتكاب الخطيئة، من غير إثم.. وما الخمر إلا دموع الزمان بمقلة كرم، وما العمر إلا حُباب السلافِ بإقداحِ وهمِ.
رشيد درباس.. أذكرني في صحوك، ولا تنسني في سكرك.. وأعدك أن لا أقع في إثم ولا أحسد الناس على بعض آثامهم.
أغبطك على مكانتك في قلوب محبيك.. مكانة ترقى بك الى أقصى الشعر وأعلاه وأحلاه.. حتى لو لم تكتب الشعر.. فكيف وأنت تكتبه فيكتبك.
هذه قراءتي لقصائد معالي الشاعر رشيد درباس المضمخة بعطر الياسمين الهارب من جنائن قيمرية وباب توما في دمشق، حمزة الخطيب، ومن قرطاج وحلق الواد في تونس البوعزيزي.
لقد تخطيت شعوري بالندم، لأني وافقت على كتابة هذه المقدمة لديوان المحامي في الاستئناف منذ عقود، نقيب المحامين في الشمال اللبناني، الذي لا يختلف كثيراً عن الجنوب.. والذي تعرفت إليه ناثراً متواضعاً في نصوص متعالية، مركبة من املاء بالموروث العربـي، الأدبـي والفكري والروحي واللغوي، ومن تقنيات حداثة في التعبير، ومن وجدان يذكرك بما كنت تود أن تبلغه من شفافية، لولا ارتكابك للسياسة، والتباس الديني والوطني بالحزب أو الطائفة.. على أنك بادرت قبل فوات الأوان الى استحضار ما يجمع وهجران ما يمنع.. كأنك تريد أن تبلغ حالة الصفاء التي ينعم بها رشيد درباس، الذي أدعو له بعد كل صلاة، إذا ما قدر الله وتم اختياره لمنصب وزاري، لولا حاجة الوطن والمواطن اليه، لكان خسارة. وأنا اقبل وعد رشيد درباس بأن يبقى رشيد درباس.
وعوداً على بدء.. أؤكد شعوري بالندم، على الوقوع السهل والسريع في إغراء رشيد درباس بالكتابة عن ديوانه، رغم تحذيرات استاذنا في علم الذاكرة والمودة، توفيق سلطان.. وأعتقد أنه ندم لا مبرر له.. لأنه لم يكن بإمكاني أن ارد طلب رشيد درباس، رغم تقديري لصعوبة الكتابة، في هذه الأيام التي ننام فيها على احتمال انفجار ونصحو على مثله.. ذلك أن لرشيد درباس على أصدقائه وأحبائه وزملائه، سلطة لم يمنحه إياها أحد، بل هو الذي منحها لنفسه، كأنه يغتصبها، فلا يلبث المُغتَصب أن يعمد الى محبة الغاصب.. ومن كان منا على هذه اللياقة من التسلط على قلوب الناس، يستحق التهنئة والغبطة والغيرة والحسد..
حسناً، ألا يكفي رشيد درباس أن تكون له هذه الحظوة ؟ من دون ضرورة لأن يكتب نثراً جميلاً أو شعراً أجمل. مكتفياً بضحكته العريضة والسخية، كدمعته أمام أي مشهد جارح.. كدمعه الذي يملأ ديوانه، حيث تلتبس الدمعة بالحبر وماء النهر والبحر وماء الوجه.
سلاماً.. يا صديقي.. سلاماً لطرابلس التي تفوح من أهابك ومن دواتك في زمن الفحيح، وتتألق في ديوانك في زمن التملق.. كما تألقت في ماضينا.. وكما هي باقية في غدنا وحلمنا الوطني والعربـي والإنساني والحضاري.. شاء من شاء وأبى من أبى.