كتاب " باب الليل " ، تأليف وحيد الطويلة ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
كلّ شيء يحدث في الحمّام،
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كتاب " باب الليل " ، تأليف وحيد الطويلة ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
كلّ شيء يحدث في الحمّام،
المقهى في شارع جانبـي متفرع من شارع المقاهي، الذي ينتفخ بنحو ستين مقهى آخر، ظل لسنوات بمقهى واحد، وحين ارتفعت المباني وسكن الناس، تناسلت معهم المقاهي في شهور وجيزة، يمتلكها لاعبو كرة القدم وبعض الفنانين وأصحاب الأموال القادمة من مدينة صفاقس تحديداً.
ينتصب المقهى على ربوة تصعد ﺇليها عبر سهل، وتهبط منها في أرض منبسطة، ومن أية نافذة يمكن لعينيك أن تمتد بين ربوة وقبة ومنبسط.
أجساد البنات اللائي هبطن للتّو تشبه هذه الأرض مصنوعة من طين مدموغة بلونها الأحمر، وأبو شندي الفلسطيني يقول: يبدو أن الأفارقة مروا من هنا، دقوا أوتادهم وماءهم عميقاً.
أجساد أفريقية، سيقان طويلة متماسكة تسند بجسارة عجيزات جسورات، وافرة واعدة، مندفعة بحساب.
بطون ممتلئة قليلاً من الأمام، ما بين السرّة والغرّة، على حافة النبع، غافية في غالب الأحيان، وجوانب زائدة من الخصر أحياناً، لكنها غير متهدلة، قل متهدلة بقدر، لكن فتنة الصبا تمنعها من الترهل، تشي بكل قطعة زائدة وتضعها برشاقة في ميزان الغواية.
عندها فقط يمكن لك- إن أحببت- أن تمد يدك لتعرف الفرق الدقيق بين جسد الآلهة وجسد البشر.
ولا عين في مكانها، عيون تدخل وتخرج مثل عيون أفلام الكارتون، تندفع بعيداً عن مكانها في الوجه بسرعة وتستمر معلقة، ثم تعود أكثر سرعة وزغللة وأشدّ اتساعاً.
تكذب عليهم عيونهم لو شبعت.
عيون تخترق رائحة بخار الشاي الأخضر ودخان الشيشة ومواقد الفحم المشتعل في مقهى مشتعل.
كلّ البنات يلبسن الجينـز، يعرفن فضائله، ويترحمن في سرّهن كلّ ليلة على الرجل الذي اخترعه.
الرجال يترحمون قبلهن.
يحبس العجيزة تحت قماشه القاسي، الحنون عليها، القاسي على قلوب الرجال المتلمظين، وإن ترطبت عيونهم.
عجيزات ربانيّة مستقرة داخله، محاصرة بحفاوة بالغة رغم أنها تستعد للانطلاق.
حكاية غرام ما إن تنتهي حتى تبدأ، يلم كل شيء، يحوّطه، يحتضنه، ويمنحه شحنة عالية، ما بالك إن كان مشحوناً من أصله.
ليس هناك مكان للباس غيره، أحياناً تزاحمه تنورات شاردة، صغيرة، أضيق من صابونة ركبتك، فوق جوارب لامعة مثل الكريستال وبدونها.
وحده الجينـز، ليس هناك غيره من يهب كل قطعة من الجسد نشيدها، ويتيح لها أن تغني بمفردها وأن تغني جماعة.. بعض القطع تصرخ وأنت تعوي.
بطاقة حياة ممتدة للأرداف والرفوف، يرتفع بالمتماسك، يضغط المترهل، ويخبئ بخبث عن العيون غير الواثق بنفسه.
متواطئ مع الجميع، ضد الجميع، يكوّر المتكوّر وغير المتكوّر.
وأبوشندي الفلسطيني الذي عمل لسنوات في منظمة التحرير الفلسطينية أثناء وجودها في تونس، يضرب كفاً بكف، يسرح بنظره بعيداً، شبح ابتسامة ساخرة وبصوت يكاد يكون مسموعاً يقول: الآن فقط عرفت لماذا كان ياسر عرفات يرفض بتاتاً أن يدخل عليه أحد يلبس بنطالاً من الجينـز، وإن اضطر وقابله لا يقبّله.
بنات يتجولن في المقهى، يخترن طاولة ثم يبدلنها، كأنما يقتربن بخفة من مواقع الأهداف، بالله عليك لا تنـزعج من مشيتهن، ولا تنفرط من هيئتهن فما تراه اليوم ستتعود عليه غداً.
ستتعود عيناك على عشرات الكيلوتات التي تتنـزل عليك، حين تنحسر حواف الأحزمة، تنـزلق لأسفل فيما عيناك حائرتان في الأعلى.