أنت هنا

قراءة كتاب باب الليل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
باب الليل

باب الليل

كتاب " باب الليل " ، تأليف وحيد الطويلة ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
 

كلّ شيء يحدث في الحمّام،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 5

كان سرب من البنات بأصوات عالية بضحكات مرقوعة قادماً من الخلف، سحب العيون وبعض الحواس في اتجاهه.

وواحد في طاولة بجوار نعيمة يقول:

الله أكبر، كتيبة المجاهدات وصلت.

يبلع نصف ابتسامة لعوب ويكمل: المنتخب القومي وصل في الميعاد، يرجع بالنصف الآخر: وبدون مدرب.

يكاد يستمر، لكن رنين هاتفه يشغله وبشيء من الغضب:

- إذا لم تعودي قبل العاشرة..

ملامحه تتعكر.

- قلت لكِ- وبصرامة تكسو وجهه الصارم أصلاً- إن تأخرتِ بعد العاشرة لا تعودي للبيت مرة أخرى، وابحثي عن مكان آخر.

وبلهجة حاسمة عالية النبرة:

- هذا بيت وليس مقهى.

- بنتك؟

تقول نعيمة، لكنه لا يعبأ بها، لا يرد ولا يلتفت ناحيتها.

غيظ يتعرق من وجهه:

- منك لله يا بورقيبة، منك لله، صحيح عملت الاستقلال والتعليم وتنظيم النسل.. محسوب لك، عملت الباهي، لكنك عملت الخائب أيضاً، قويت المرأة على الرجل، مددت الاستقلال لكل حاجة.. وكل حاجة بعده أصبحت ممدودة.. تخيلي، معقولة!

- بنتك؟

- تصوري، لا أستطيع أن أقول لابنتي لا، ما إن بلغت تريد أن يكون لها صاحب، والآن تريد أن تخرج معه حتى لو حاولت أن أمنعها.

- كبرت وتفعل أمامك أفضل من أن تفعل خلفك.

- وتريد أن تعود متى شاءت دون إذني، ولا أستطيع أن أمنعها أو ﺃبدي اعتراضي.

يحاول أن يبلع ريقه الناشف، يمد بصره الزائغ من فورة الغضب، يرفع يده يعد البنات الجالسات في المقهى.

- واحدة، اثنتان..

.. بنات العائلات لا يذهبن لهذه المقاهي.

صاحبة المقهى لا تحب البنات العابرات، تفضل المقيمات، تعرفهن جيداً وتأنس لهن، وإن لم تفتح حواراً ممتداً معهن، يبتعدن عن المشاكل ويصطدن زبائنهن بكل خفة وحرفنة وإحساس بالذات، لا يجرؤ أحد أن يقلل من قيمتهن أو يخدش مقامهن أو يعاملهن كعاهرات ولو من تحت الطاولة ولو بإشارة، يجلسن كبنات منعشات منشطات يعرفن ﺃنهن ملح المقهى والحياة، ولا يتركن آثاراً خلفهن، يزدن في إيراد المقهى، يشربن شيشة أو اثنتين لأن الأولى طعمها غير مناسب، وعصيراً على حساب كل زبون قبل أن ينطلقن معه، حتى ولو استغرقت المفاوضات بضع دقائق.

اتفاق غير مكتوب معهن، يشربن قهوة واحدة فقط طوال اليوم مهما طال إن لم يتوفر الزبون.

وأبوشندي يقول: عند افتتاح مقهى جديد في المدينة، تسقط عليه البنات من كل حدب وصوب، يقمن بغارة جماعية بترسانة أسلحة فاخرة من لحم وملابس وماكياج وعطور، يبخّرن المقهى بحضورهن ويمنحنه بركة الرغبة والبهجة، وليكونن في صدر الفتح المبين، يأتين على زبائنه الجدد، يقفزن بإيراد المقهى حتى تعوض صاحبته أو صاحبه مصاريف الافتتاح، ثم ينتقلن لمقهى جديد وفتوحات أخرى بعد أن تركن رائحتهن فيه وحكاياتهن.. وهكذا.

الصفحات