أنت هنا

قراءة كتاب سرديات ثقافية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سرديات ثقافية

سرديات ثقافية

كتاب " سرديات ثقافية " ، تأليف محمد بو عزة ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 7

السرديات الثقافية :من البويطيقا إلى ما بعد الكولونيالية

مع بداية القرن العشرين بدأت نظرية السرد المعاصرة في التشكل مع مشروع الشكلانيين الروس. ومع ترجمة أعمالهم إلى الفرنسية ستتطور النظرية السردية وتتبلور في نماذج نسقية مع تودوروف، وجيرار جينيت، ورولان بارث، وغيرهم.

منذ الستينات، وفي إطار مشروع البويطيقا العام، الذي يتعلق ببناء نحو للخطاب الأدبـي، على غرار نحو اللغة، تحدد موضوع السرديات في معرفة القوانين التي تنظم كل الأشكال المختلفة للسرد، بغض النظر عن تعدد أجناسها وتنوع نصوصها، مستلهمة- في ذلك- النموذج اللساني البنيوي.

ميتافيزيقا النسق

على قاعدة بناء النسق في اللسانيات، التي اقتضت بناء نحو للسرد، أحدثت السرديات قطيعة مع نماذج التحليل التاريخية والسوسيولوجية والسيكولوجية، حيث أصبحت البنية هي نقطة الارتكاز في تحديد أدبية السرد، وليس التفسيرات التي تربط النص السردي بمرجع خارجي، أو بتأويل إيديولوجي.

هذا المشروع النسقي للسرديات لم يكن ممكنا دون مواجهة إشكالات ومفارقات ابستيمولوجية، حيث ستواجه السرديات معضلة التناهي، في تصنيف الأشكال المختلفة للسرد. هل بإمكان النموذج الذي تقترحه أن يستوعب كلية الأجناس السردية، على الرغم من تعدديتها وتنوعها اللانهائي.

وقد رأى تودوروف وبارث منهجين لإنجاز هذا النموذج، المنهج الاستقرائي inductive، السائد في العلوم التجريبية، الذي يستدعي دراسة كل سرود جنس ما لفترة ما، ولمجتمع ما، ثم يتم من خلال هذه المعطيات الإمبيريقية الانتقال إلى وضع مخطط إجمالي لنموذج عام.

وأمام استحالة تطبيق المنهج الاستقرائي العلمي في مجال السرديات، لاستحالة ملاحظة جميع الأشكال اللانهائية للسرد وحصرها، سيكون من المحتم عليها أن تتبنى منهجا استنباطيا déductive، يقوم على "تصور نموذج افتراضي للوصف... ثم النـزول بعد ذلك شيئا فشيئا انطلاقا من هذا النموذج باتجاه الأنواع التي تشارك فيه وتنـزاح عنه في نفس الوقت: إنه فقط في مستوى هذه التوافقات والانـزياحات وبمساعدة أداة وحيدة للوصف سيقف هذا النموذج على تعددية السرود وتنوعها التاريخي والجغرافي والثقافي[1]."

في ضوء هذه الرؤية النسقية، اتخذت السرديات منهجا استنباطيا، يقوم على صياغة نموذج افتراضي للوصف. وبالتالي، لن يكون موضوع السرديات هو العمل السردي المفرد، وإنما النموذج المجرد. فما تستنطقه هو قوانين الخطاب السردي، بالكشف عن بنية تنظيمه المجردة، باعتبارها نسقا ضمنيا "وكل عمل عندئذ لا يعتبر إلا تجليا لبنية محددة وعامة، ليس العمل إلا إنجازا من إنجازاتها الممكنة.[2]"

الصفحات