كتاب " المساءلة التأديبية للقضاة " تأليف أ . شامي يسين .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب المساءلة التأديبية للقضاة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المساءلة التأديبية للقضاة
الفصل الاول
المساءلة التأديبية للقضاة الإطار العام والخصوصية
العدل أسمى حق للمواطن ، وهو في نفس الوقت واجب من أقدس واجبات الدولة إزاء مواطنيها ، والقاضي هو الشخص المخوَّل قانونا لتطبيقه بينهم ؛ فهو بعمله النبيل ورسالته المقدسة يهيئ للمجتمع سبل الأمن ليطمئن كل إنسان على نفسه وماله وعرضه ، وسمو منصب القضاء وهيبته إنما مَرَدُّ الشأن فيه إلى نقاء صورة وسيرة رجال العدالة[6]، وفي مقدمتهم القاضي الذي هو عماد السلطة القضائية ، فإن صَلُحَ صَلُحَ القضاء ، وإن كان عكس ذلك فإنه يؤدي إلى زعزعة ثقة المتقاضين في جهاز العدالة ، فالأموال والأنفس و الحقوق تأمن بصلاح القضاء و القضاة لأنها لا تُمس بغير حق ، وإن خرجت بغير هذا الطريق رجعت إلى أصحابها بعدالة القضاء، والتي يمثلها القاضي بنفسه .
وللقيام بمهمتهم النبيلة على أحسن وجه أقرت التشريعات المقارنة والنظم المختلفة للقضاة حصانة وضمانات عدة لحمايتهم أثناء قيامهم بالمهام المنوط بهم تنفيذها ؛ وهذا ضمانا لصدور قراراتهم وأحكامهم على الوجه الصحيح دون السماح بتدخل أي جهة في أعمالهم ، وأقرت عقوبات في مختلف القوانين على التدخل في أعمال القضاة وعدم تنفيذها ، وكل هذا ينطوي تحت مبدأين أساسين ـ سنأتي على درستهما بالتدقيق ـ ألا وهما مبدأي الفصل بين السلطات واستقلال القضاء [7] .
وإن كان القضاة هم الفئة الساهرة على الحق والعدل والحرية ، فمن هي الجهة المسؤولة عن مراقبتهم إذ هم تجاوزوا حدود الحق و العدل و الحرية ؟.
لذلك فإن الضمانات الممنوحة للقضاة حفاظا على استقلاليتهم لا تمنع مساءلتهم ومحاسبتهم إن هم تجاوزوا و انحرفوا عن أداء واجباتهم[8] .
ولما كان القضاة يقومون برسالة خطيرة ؛ فقد حرصت مختلف التشريعات و النظم القانونية على إفراد قواعد خاصة تحدد مسؤوليتهم القانونية ، وهذه القواعد تختلف بقدر متفاوت في الأنظمة القانونية المختلفة عن القواعد المنظمة للمسؤولية المدنية والجنائية والتأديبية للموظفين وأعوان الدولة بصفة عامة ، ذلك أن ذاتية النظام القضائي و استقلال القاضي الفرد لا يتعارض في الأصل مع صور المسؤولية التأديبية له اتجاه النظام القضائي مثلما لا تتعارض ذاتية صاحب المهنة الحرة مثلا مع مسؤوليته اتجاه النقابة التي يتبعها ، غير أن استقلال القاضي لا يسمح على العكس من غيره بتقرير مسؤوليته التأديبية اتجاه جهات منتمية إلى السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية : أي اتجاه جهات غريبة عن النظام القضائي [9].
وبقدر ما سنرى من تشابه إلى حد كبير بين الأحكام العامة لإجراءات المساءلة التأديبية للقضاة و إجراءات مساءلة الموظف العام مثلا إلا أن حساسية منصب القاضي يتطلب أن يكون معيار مساءلة القاضي خاضعا لقواعد خاصة وفقا لأرقى مبادئ السلوك و الفضائل ، وعلى ذلك ولمزيد من التفصيل سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين :
المبحث الأول : المبادئ والأحكام العامة المتعلقة بتأديب القضاة.
المبحث الثاني : خصوصية المساءلة التأديبية للقضاة .