التصوف كفلسفة والتصوف كسلوك هذا ما نريده من دراستنا المتواضعة هذه والتي هدفنا من خلالها أن نوضح الأسس الموضوعية التي بني عليها مذهب التصوف وقد نعتناه بالمذهب وهو بالواقع لم يكن مذهباً متميزاً من المذاهب الإسلامية لأن التصوف لم يقتصر كفلسفة واقعية على الإسلا
أنت هنا
قراءة كتاب الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
ونحن في حديثنا عن التصوف اعتمدنا لغة جديدة في الفهم الصوفي قلّ من تطرق إليها لأن أكثر دارسي الصوفية كانوا يدرسونها بحسب فهمهم لها وكانت العوامل المؤثرة من مذهبية و فئوية تؤثر على مجريات دراستهم فخرجت أكثر الدراسات عاجزة عن توضيح معنى الصوفية فقد فهمها فقهاء الدين أنها تعمق في الدين أو تطاول على مقدساته لأن الصوفية فهموا الدين فهماً فلسفياً ولم يعتبروه ديناً فئوياً يدخل في متاهات الأحكام الفقهية التي اختلف فيها الفقهاء وانشغلوا فيها حيث ضيعوا أوقاتاً طويلة في وضع هذه الأحكام رغم أن هذه الأحكام من المفروض أنها تلتصق بالعقائد السمحة للدين . وأحياناً كانت الأحكام الفقهية التي اتخذت من المذهبية قاعدة لها كانت توضح وتدافع عن المذاهب أكثر من دفاعها عن جوهر الدين وأحكامه العقائدية وكأن الدين أصبح مجموعة من أعمال ورياضات دون أن يكون جوهره عقيدة صالحة لكل زمان و مكان كما يدعي أيضاً الفقهاء أنفسهم . ونحن في بحثنا هذا نطمح إلى ما طمح إليه المتصوفة أن نتجه في بحثنا نحو التوحيد . لأن فكرة التوحيد شاملة فالتوحيد يتناول أيضاً الأديان والمذاهب وهذا ما أراد المتصوفة أن يقوموا به وأن يكون لهم دور رئيسي في إقامته وإن الصوفية لا شك أنهم مشكورون في ذلك فإنهم يعتبرون الرواد الأوائل الذين طرحوا فكرة الدين الواحد أو فكرة توحيد الأديان في دين واحد معتمدين على أن أصل الأديان هو واحد وهو الله وكل دين يتجه في منهاجه إلى توحيد الله فالتوحيد أيضاً عودة إلى الأصل .
ولقد تضمنت دراستنا هذا التراث الأدبي الذي خلفه لنا المتصوفون من شعر ونثر وأدب رفيع يعتبر في قمة الأدب العالمي فأشعار الفارض و ابن عربي والسهر وردي والحلاج وجلال الدين الرومي في العربية والفارسية وغيرها من أجمل الأشعار وهي من عيون الأدب العالمي ولقد عرضنا في بحثنا هذا ما تمكنا من عرضه أدبياً وفكرياً .
بالإضافة إلى أننا تناولنا الرموز الصوفية التي كانت اللغة التي يتخاطب فيها الصوفيون ويعتبرونها ألغازاً خاصة بهم لأنهم يعتقدون أنهم الخاصة في الفكر والدين والأدب وأن الخاصة يجب أن يكون لهم لغة خاصة بهم .
وعرضنا فلسفة التصوف عرضاً موضوعياً تضمن حقيقة فكرهم من عشق ووجد وفناء واتحاد بالله ومن ثم وحدة الوجود وهذه هي فلسفتهم التي أجمعوا عليها حقيقة دون مواربة وإنما خشي البعض منهم نقمة العامة فخصوا أنفسهم بالرموز وكانوا بين التلميح وبين التصريح ولنا غاية واحدة في بحثنا هي تحري الحقيقة ومحبتها ودعوتنا للناس أن يشاركونا فيما نحن عليه والله الموفق .
أحمد علي زهرة