التصوف كفلسفة والتصوف كسلوك هذا ما نريده من دراستنا المتواضعة هذه والتي هدفنا من خلالها أن نوضح الأسس الموضوعية التي بني عليها مذهب التصوف وقد نعتناه بالمذهب وهو بالواقع لم يكن مذهباً متميزاً من المذاهب الإسلامية لأن التصوف لم يقتصر كفلسفة واقعية على الإسلا
أنت هنا
قراءة كتاب الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
مصـادر الـصـوفيـة :
رغم أن الصوفية كفلسفة نشأت نشأة عربية إسلامية حيث بدأت بذرتها تنبت في المجتمع العربي الذي كان يحاول أن يصنع لنفسه حضارة إنسانية قائمة على أسس علمية وعندما بدأ التفكير يتناول كل العلوم المعروفة في ذلك العصر وشهدت الساحة العلمية محاولة عزل العلوم وفصلها عن الفلسفة ولقد بدأ العالم العربي جابر بن حيان بأول تجربة علمية حيث استطاع أن ينقل العلوم من المستوى النظري إلى المستوى التجريبي وكان هم الكيمياء قديماً هو حلم الناس بتحويل المعادن الرخيصة الثمن إلى معادن غالية الثمن كالذهب . على الرغم من أن العلوم أكثرها كانت خاضعة للميتافيزياء . وكان العالم العربي جابر بن حيان يتوجه في علمه هذا من الإمام جعفر بن محمد الصادق . ولهذا العالم اهتمامات صوفية حيث اعتبره المتصوفة أول متصوف كان يجسد في سلوكه الزهد والتعبد وبعض الآراء الصوفية .
وإذا ما درسنا المصادر التي أثرت في الصوفية نجدها كثيرة وعديدة وكلها ذات أهمية بالنسبة للمتصوفة ويمكن أن نعددها ونشرحها كما يلي :
1ً _ القرآن و الحديث :
حض الإسلام على الزهد في الدنيا باعتبارها حياة مؤقتة عابرة بالنسبة للإنسان وأن الحياة التي يجاهد فيها المسلم في سبيل العيش هي دار البقاء لأن هذه الدنيا هي دار الفناء قال تعالى :"وللآخرة خير وأبقى " (25) وعندما حض الإسلام على الجهاد وبذل النفس فإنما يريد بذلك أن من يصل إلى الحياة الآخرة يعيش جنتها ويبقى في خلودها واعتبر الإسلام الشهادة هي أقصر الطرق للوصول إلى الخلود قال تعالى :" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون "(26) ويفسرون الآيات التي تدل على التشخيص الإلهي كالوجه خاصة ،" كل شيء هالك إلا وجهه "(27) واليد : "يد الله فوق أيديهم "(28) بالمعنى الباطني الذي يؤولونه تأويلاً باطنياً ويعتبرونه التجلي الإلهي في الإنسان خليفة الله في الأرض . قال تعالى :"إني جاعلك في الأرض خليفة "(29). ويرون أن الله قريب من المجتهد وغير بعيد عنه قال تعالى :" ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"(30) وما يدل على الحلول قال تعالى :" الله نور السماوات والأرض"(31) والمتصوفة يعتمدون على الظاهر والباطن والتأويل :" ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " ويعتبرون أنفسهم أهل التأويل وأهل الباطن وهم هنا يتفقون مع الشيعة الباطنية في مسألة الظاهر والباطن وفي مسألة التأويل . فالمقصود هم الراسخون في العلم الذين أعطاهم الله القدرة على تأويل القرآن وشرح ما غمض من أسرار لأنهم يعتبرون أن الدين مجموعة من الأسرار لم يستطع الناس كشف هذه الأسرار وإن من يستطيع كشفها المجاهد الصوفي الذي وصل عن طريق المعرفة القلبية التي تتجاوز المعرفة العقلية وهذه المعرفة هي التي توصل الإنسان إلى المعرفي ويصل فيها إلى الاتحاد بالذات الإلهية لأن الله نور السماوات والأرض فإن كان الله كذلك فإن الإنسان بذاته وبمجاهدته ومعرفته يصبح جزءاً من هذا النور وجزءاً من هذه الذات الإلهية وذلك بفضل الاتحاد أوكما يقال بعودة النفس إلى عالمها التي انفصلت عنه كما يقول إخوان الصفا وأتباع الأفلاطونية الحديثة .
وباعتبار القرآن والحديث من أهم المصادر التي استقى المتصوفة نظريتهم منها فإن هذا يعطينا دليلاً قاطعاً على أن التصوف فلسفة إسلامية اعتبرت الإسلام ونهجه في الحياة وفي الدين أساساً من أسس العقيدة الصوفية. فسيرة الرسول وسيرة الصحابة وسيرة الأئمة من أهل البيت كانت مثال الصوفية التي كان المجتهدون المتصوفون يسيرون بهديها فلبس الصوف والدعوة إلى الفقر وإلى الدروشة والزهد والعمل الصالح وتهذيب النفس ومجاهدتها وتدريبها على تحمل الصعوبات والمشاق كل ذلك من الطرق التي يعتمدها المجتهد في سلوكه .فالصوفي مثلٌ في السلوك لأن الإسلام كذلك والصوفي مثل في الزهد لأن الأسلام كذلك والصوفي مثلٌ في رباطة النفس والتعود على شظف العيش .