أنت هنا

قراءة كتاب الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة

الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة

التصوف كفلسفة والتصوف كسلوك هذا ما نريده من دراستنا المتواضعة هذه والتي هدفنا من خلالها أن نوضح الأسس الموضوعية التي بني عليها مذهب التصوف وقد نعتناه بالمذهب وهو بالواقع لم يكن مذهباً متميزاً من المذاهب الإسلامية لأن التصوف لم يقتصر كفلسفة واقعية على الإسلا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
2ً _ علم الكـلام :
 
وجد التصوف في ذروة المناظرات والمجادلات الكلامية التي كان علماء الكلام يقيمونها تدعيماً لرأي مذاهبهم . فعندما نشأت المذاهب كان علم الكلام هو العلم الذي وضع منهج الجدل المنطقي والفلسفي والديني لإثبات صحة أقوالهم يقول الدكتور أبو العلاء عفيفي :"والناظر في كتب التصوف أمثالها( اللمع للسراج ) و(التعرف للكلابازي ) و(الرسالة للقشيري) ومزجهم لنظريات المتكلمين وأساليبهم بنظريات التصوف وأساليبه وقد تسرب إلى التصوف الفلسفي كثير من نظريات الأشاعرة والكرامية والشيعة والإسماعيلية الباطنية والقرامطة " (32) .
 
وإن عقيدة وحدة الوجود كعقيدة صوفية لم يدر المتصوفة والمسلمون بشكل خاص والمسلمون الموحدون إلا أن وقعوا فيها . فبدأ التوحيد ينفي الكثرة على الله والأثنينية والشراكة في الربوبية . فأدى هذا الأمر إلى القول بوحدة الوجود كدليل على أن الله لآ يمكن أن يكون إلا واحداً . وإذا تجلى في العالم أو حل فيه فإنه يبقى من حيث الجوهر واحداً . فقد فسر ابن عربي : " لا إله إلا الله " على أنه :" لا مـوجود على الحقيقة إلا الله "(33). فالله في نظر ابن عربي وفي نظر كل المتصوفة هو وحده الموجود وكل موجود في مجموعه هو الله . وفي مجال التوحيد قال الجنيد: " هو معرفتك أن حركات الخلق وسكونهم هو بفعل الله عز وجل وحده لا شريك له"(34). ويفرق الجنيد بين توحيد العامة وتوحيد الخاصة ففي توحيد العوام:"هو إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته ." وتعريف الخواص :"انه الخروج من ضيق الرسوم الزمانية إلى سعة فناء السرمدية "(35).
 
ولقد أخطأ بعض المستشرقين الذين درسوا التصوف في أن المتصوفة أخذوا آراءهم في وحدة الوجود والتوحيد الإلهي وتوحيد الجوهر من الفلسفة الهندية . ولكن هذا الرأي يبعد التصوف عن حقيقة أن التوحيد الإسلامي هو المصدر الأساسي في وحدة الوجود . وأن النظرة الإسلامية لله الواحد الذي لا يتعدد ولا يلد ولا يولد ولا يقع في الكثرة ولا يقبل الشراكة مع غيره من الموجودات هي أهم أثر في فلسفة التصوف . ولا يعني هذا أننا ننكر أثر الفلسفة الهندية في موضوع الفناء والدروشة وغيرها من الحالات الصوفية لا نقول أنها لم تترك أثراً في التصوف الإسلامي .
 
3ً _ التصوف الهندي الإشراقي :
 
عرفت الفلسفة الهندية منذ القديم بالزهد في الحياة وأن الخلود هو خلود بعد الموت وأن الحياة الأخرى هي الحياة التي ينعم فيها الإنسان بالسعادة . لذلك كان طلب الزهاد أن يتطهروا ويفضلوا النفس على الجسد عن طريق تعذيب الجسد بطريقة النرفانا وقد قرن بعض الباحثين الفناء الصوفي بأنه يشبه الفناء عن طريق النرفانا وقد كان للتصوف الهندي أيضاً آثاره في التصوف الإسلامي وكان يتناول هذا الأثر الطقوس الدينية والرياضة الروحية ومجاهدة النفس .
 
كانت الفلسفة الهندية قد تجاوزت شبه القارة الهندية حيث عرفت في بلاد فارس وما بين النهرين . وقد اشتهرت مدينة بلخ قبل الفتح الإسلامي بكونها أهم المدن التي عرفت بالتصوف البوذي . وبقي هذا الأثر حتى بعد الإسلام حيث ظهر فيها عدد من المتصوفة المسلمين المشهورين وأهمهم إبراهيم بن أدهم الذي رويت عنه القصص الكثيرة حتى أن جولد تسيهر اعتبر أن قصته قد حيكت بشكل يشابه قصة بوذا . واشتهر أيضاً شفيق البلخي وأبو حامد بن خضروبه.

الصفحات