كتاب " علاقات الزوجين ببيت الحما " ، تأليف غاري تشابمان ، من اصدار دار أوفير للطباعة والنشر ، ن
أنت هنا
قراءة كتاب علاقات الزوجين ببيت الحما
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إنَّ طَرْح أسئلةٍ على أنسبائك لتقدير مشاعرهم بِحسب مقياسِ من 1 إلى 10، هو أسلوبٌ سريعٌ وسهلٌ لمعرفة مدى تأثُّرهم أوِ اهتمامهم بموضوعٍ ما. لقدِ استخدم جيسون هذا الأسلوب في بدء حوارٍ مع حميه. كان جيسون يشعر بالإحباط بشأن مَيْل حميه إلى المقامرة. وعندما علم أنَّ حماه قدِ اصطحب ابنه ذا الأعوام العشرة معه إلى الكازينو، شحب وجه جيسون وقال لزوجته: ‘‘لن أدَعَ بوبي يرى أباكِ ثانيةً’’. بعد مُضِيِّ أسبوعَين، وبعد أن سكن غضبه، شجَّعتُ جيسون على طَرْحِ أسئلةٍ على حميه وسماع إجاباته.
سألَ حماه قائلًا: ‘‘على مقياسِ 1 إلى 10، ما مدى استمتاعكَ بالذهاب إلى الكازينو؟’’ عندما أجابه حموه ‘‘عشرة’’، أدرك جيسون أنَّ هذا كان أمرًا بالغَ الأهمِّيَّة بالنسبة إليه. ثُمَّ أتبعَ جيسون سؤالَه بسؤالٍ آخر، ‘‘لماذا تجلبُ المقامرة كلَّّ هذا السرور إلى نفسكَ بحسب اعتقادك؟’’
ردَّ حموه قائلًا: ‘‘إنَّها أوقات استجمامٍ وتسلية بالنسبة إليَّ. إنِّي أُقامر لأنِّي أملك مالًا، وليس عليَّ أن أقلقَ بشأن كيفيَّة إنفاقه. عندما كنتُ طفلًا، لم نكن نملك إلَّا القليل جدًّا. ما عرفْنا قطُّ إنْ كنَّا سنتناول طعامًا ما عند الغداء، أو إن كان والدي سيقول: فَلْنأوِ باكرًا إلى الفراش، وسنتناول إفطارًا شهيًّا في الصباح. كانت وجبة الإفطار تتألَّف دائمًا من دقيق الشوفان، وقد أمكننا تناوُلَ الكمِّيَّة التي نريدها. رأيتُ أصدقائي في المدرسة وهم يبدِّدون النقود، فعقدتُ العزم على أن أكسبَ المال عندما أكبر، فلا أضطرُّ أبدًا إلى طلب شيءٍ من أيِّ شخصٍ كان، وهكذا صار. والآن أستطيع الاستمتاع بإنفاق نقودي بالطريقة التي تحلو لي. ما الذي سيحدث إذا خسرتُ ألف دولار؟ يمكنني تحمُّلُ هذه الخسارة’’.
تابع جيسون قائلًا: ‘‘إذًا، فالمقامرة بالنسبة إليكَ ليست مسألةَ ربحٍ أو خسارة؛ إنَّها مسألة تسلية’’.
ردَّ حموه قائلًا: ‘‘إنَّها ليست مجرَّد تسلية؛ إنَّما هي حرِّيَّة- حرِّيَّةُ فِعْل ما أشاء بِما أملك’’.
قال جيسون: ‘‘أعتقد أنِّي أفهم ما تقوله، كما أعتقد أنَّنا جميعًا نريد أن نكون أحرارًا، وهذه هي إحدى طرق التعبير عنِ الحرِّيَّة’’.
ما كان جيسون ليَعرفَ ولو بعد ألف سنة ما الذي كان يخطر في ذهن حميه، ولكنَّ سؤالَين مترافقَين بأُذنٍ مُصغية، ساعداه على فَهْم دوافع والد زوجته. إنَّه لا زال غير راغبٍ في ذهاب بوبي إلى الكازينو، ولكنَّه بعد أن سمع حماه وفهمه، أصبح قادرًا على التعبير عنِ اهتمامه بِطريقةٍ بنَّاءة. وهكذا شاركه رأيَه، وقال له إنَّ أشخاصًا كثيرين من المقامرين ليسوا أحرارًا، بل إنَّهم في الواقع صاروا عبيدًا للقمار، فلم يفقدوا المال المخصَّص للتسلية فقط، بل خسروا بالفعل أصولهم الماليَّة كلَّها. وشرح له رغبته في حماية بوبي من التعرُّض لشيءٍ بإمكانه أن يصبح إدمانًا يقضي على حرِّيَّته، وطلب من حميه ألَّا يصطحب بوبي معه إلى الكازينو في المستقبل. فهم حموه ذلك ووافق عليه.
في حين انتهت قصَّتا مارشا وجيسون ‘‘نهايةً سعيدة’’، فإنِّي لا أعني التلميح إلى أنَّ طَرْح الأسئلة وفهم دوافع أنسبائنا يضمنان حلًّا مُرضِيًا للمسائل التي تتسبَّب في إزعاجنا. ولكنَّ إيجاد حلٍّ لهذه القضايا من خلال طَرْح الأسئلة والإصغاء المتعاطِف، هو أكثر ترجيحًا إلى حدٍّ بعيد. وسنكون قادرين في أثناء هذه العمليَّة على المحافظة على علاقاتنا بأنسبائنا أو حتَّى تحسين تلك العلاقات.
لا تُقاطِع
عندما يتحدَّث حمواك، فإنَّك تميل إلى المقاطعة إن قالا شيئًا لا يتَّفق معك. حين تقاطع وتُدلي بوجهة نظرك، فإنَّك تكون قدِ اتَّخذتَ الخطوة الأولى نحو جدالٍ متفجِّر. إنَّ المجادلات لا تثمر شيئًا، فإنَّ البعض يربح والبعض يخسر، وتبقى القضايا دون حلّ.
تذكَّر عندما قالت حماة مارشا: ‘‘أعتقد أنَّ سبب شعوري بِالرِّضا والسرور إلى هذه الدرجة عندما أشتري الأشياء لكِ، هو أنَّنا كنَّا نملك القليل من النقود في السنوات الأولى لِزواجنا، وغالبًا ما كانَتِ الأشياء التي لديَّ لأرتديها تُشعرني بالحرج’’. لو أنَّ مارشا قاطعتها وقالت: ‘‘نحن نملك مالًا وفيرًا؛ لأنَّ لدى روب وظيفةً جيِّدة. ما من حاجةٍ تدعوك إلى أن تشتري لي الأشياء’’، لكانتْ دخلتْ في جدالٍ سيعود بِمزيدٍ من الضرر على علاقتها بحماتِها. ولْنفترِضْ أنَّ جيسون قاطع حماه وقال: ‘‘ذلك فَشَلٌ في تحمُّل المسؤوليَّة؛ إنِّي لا أصدِّق ما تقوله لِلَحظةٍ واحدة. أعتقد أنَّك تقامر لأنَّك مدمن’’. من المرجَّح أنَّهما كانا، هو وحموه، سيخوضان مباراةً في الصراخ ستؤدِّي إلى تمزُّقٍ في العلاقات أكثر بُعدًا.
إنَّ الغايةَ من الإصغاء هي الرغبةُ في الفهم، وليس إبداء رأينا الشخصيّ. سَنُبدي رأيَنا في وقتٍ لاحقٍ خلال الحديث. إنَّنا نحاول في المراحل الأولى أن نفهم ما يدور في ذهن أحد النسيبَين بحيث نتمكَّن عندها من الردِّ بشكلٍ مناسب. مقاطعة الحديث تُخرج عمليَّة الفهم عن مسارها. هذا وسيَجدُ بعض الأشخاص صعوبةً بالغةً في الإحجام عنِ المقاطعة. فهُم قد طوَّروا لديهم نمطَ تواصلٍ يعتمدُ أسلوبَ الجدال. وهم يصغون لمدَّة تكفيهم فقط لاستجماع أفكارهم؛ ثُمَّ يقاطعون الحديث، ويعترضون على ما يقوله الشخص الآخر مهما كان. لن يتمكَّن هؤلاء الأفراد أبدًا من إقامة علاقاتٍ إيجابيَّةٍ مع الحموَين– أو مع أيَّ شخصٍ آخر– ما لم يتعلَّموا تحطيم أسلوب الجدال المدمِّر. إنَّ العلاقات تُبنى بِالسَّعي إلى الفهم. وما يدمِّرها هو الجدال والمقاطعات.
إن كنتَ تواجه صعوبةً في متابعة الإصغاء إلى حمويك عندما لا تكون متَّفقًا مع ما يقولانه، فَلأقترِحْ عليكَ صورةً ذهنيَّة قد تكون مفيدة. عندما تكون قد طرحتَ سؤالًا ما، ويكون حمواك بِصدد الإجابة عنه، تصوَّر نفسكَ بِأُذنَي فيل (بأذنَين هائلتَين مُرهفتَين) على جانبَي وجهك. تذكِّركَ الأذنان بِفكرةٍ تقول: ‘‘إنِّي مستمع. أريد أن أفهم. لن أقاطع. ستتاح ليَ الفرصة لاحقًا لإبداء رأيي. إنِّي أحاول في هذه اللحظة أن أصغيَ إلى ما يقوله حمواي. أريد أن أعرف من أين أتَوا، وأن أفهم نظرتهم إلى سلوكهم. إنِّي أحاول بناءَ علاقةٍ لا خَلْقَ أعداء’’. إنَّ تعلُّمَ الإصغاء دونَ مقاطعة، هو خطوةٌ أساسيَّةٌ نحو إصغاءٍ فعَّال.


