You are here

قراءة كتاب الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة

الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة

كتاب "الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة"، تهدف هذه الدراسة الى إلقاء الضوء على كل ما يتعلق بالاستراتيجية النووية وأبعادها في فترة ما بعد الحرب الباردة من تطورات وعقائد جديدة والاطلاع على سياسة الردع النووي وتأثيرها وسياسة عدم الانتشار ومخاطر عدم

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 7
تقويم الاستباق:
 
ان هذه الاستراتيجية لا تعلن ان الردع قد انتهى. وفي تأكيدها على ان الولايات المتحدة ينبغي ان تبني دفاعاتها وتديمها لما وراء التحديات فانها تبين بشكل صريح ان القوة العسكرية الامريكية ينبغي ان تكون قادرة على ردع التهديدات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها واصدقائها. وتحت أي ظرف فان هذه الاستراتيجية توسع في الواقع من دور الردع في السياسة الامنية القومية للولايات المتحدة. ان الغرض من القوة العسكرية القوية هو ليس مجرد ردع الخصم في ميدان المعركة " بل لمنع الخصوم المحتملين من السعي لتحقيق الحشد العسكري بامل معادلة قوة الولايات المتحدة" او تجاوزها. وعلى الرغم من انه قد يبدو من اللاسياسة عدم الاشارة الى عدم حكمة مناقشة اولوية الولايات المتحدة وتفوقها بهذا الشكل الصريح، فان ما جاء بالوثيقة ليس هدفاً لا يمكن تحقيقه او هدفاً غير معقول للعقد القادم في الاقل. ان تأثيراته العملية قد تكون متواضعة، ومع ذلك ونظراً لان غالبية الدول تبني وتحشد دفاعاتها لتواجه التهديدات المباشرة الموجهة الى امنها وليس للتنافس مع الولايات المتحدة (26).
ويقابل ذلك ان هذه الاستراتيجية تتصور دوراً اكثر محدودية للاستباق. فهي تناقش الاستباق في مضمون محدد لدحر الارهاب والدول المارقة، وليس هنالك من مقترحات بان للاستباق دوراً يؤديه بما يخص الصين الناهضة او اية تهديدات متبقية تشكلها روسيا. كما ان الجدال حول تنفيذ الضربة الاستباقية ضد الارهابيين لا يتعارض مع ذلك (27).
ان تنفيذ الاستباق على الدول المارقة يستند الى ادعاء مشكوك فيه. ذلك بان الردع يستند الى الاستجابة للتهديد هو اقل احتمالاً للفعل حيال قادة الدول المارقة الذين لديهم الارادة على اتخاذ المخاطرة ويرتكز هذا الاستنتاج على الحدس اكثر منه على دليل دامغ، فالعراق وكوريا الشمالية هما الدولتان الوحيدتان اللتان تشير اليهما هذه الاستراتيجية بالاسم وان كليهما قد اظهرتا بانهما تفهمان الردع. فبغداد قد اهتمت بالتحذيرات التي وجهت اليها خلال حرب الخليج 1991 بانها ستواجه رداً ساحقاً اذا ما لجأت الى استخدام اسلحة الدمار الشامل، وبيونغ يانغ من جهتها قد التزمت بالهدنة في شبه الجزيرة الكورية طيلة نصف قرن وفي الوقت نفسه اخفقت هذه الاستراتيجية فلقد اعترفت بان الهجوم الاستباقي قد يدفع لحدوث الهجمات التي يرمي الى منعها (28).
ان خطراً واضحاً موجوداً وهو ان الدول المارقة قد تستخدم اسلحة الدمار الشامل التي بحوزتها قبل ان تخسرها او انها قد تعطيها بشكل مدبر الى مجموعات قد تستخدمها. وهنالك خطر اقل وضوحاً يكمن في حالة الفوضى التي ستصاحب الحرب، فالارهابيون سيكونون قادرين على شراء اسلحة الدمار الشامل او سرقتها (29).
وعند تركها لمزية مناقشة الردع جانباً فان هذه الاستراتيجية لا تقدم مرشداً للوقت الذي يتم فيه تنفيذ الاستباق. ان الهدف المحتمل هو عدد قليل من الدول المارقة. وان الولايات المتحدة سوف لا تستخدم القوة في الحالات كلها لتنفيذ الهجوم الاستباقي ضد التهديدات الناشئة. ان سكوت هذه الاستراتيجية عن الظروف التي تبرر الاستباق تنشئ خطراً اخر اكثر احتمالاً ذلك ان الدول ستتبنى الاستباق كغطاء لتسوية مشكلاتها الامنية القومية الخاصة مثلما تقوم به روسيا الان في جورجيا. وكما قال هنري كيسنجر مجادلاً "انه لا يمكن ان يكون في المصالح القومية الامريكية او المصالح الدولية ان تطور مبادئ تضمن لكل امة حقاً لا جدال فيه للاستباق بهذه المشكلة بتحذير الدول بعدم استخدام الاستباق كذريعة للعدوان". ولكن الى الوقت الذي تستطيع الادارة رسم الخط الفاصل بين الاستباق وبين العدوان غير المشروع بطريقة تحصل على قبول شامل في الخارج فانها تخاطر بان تستخدم اقوالها لتبرير نتائج تعارضها هي (30).
ويؤكد بريجسنكي بان الرئيس بوش قد استبعد في خطابه في ويست بوينت سياسة الردع التقليدي باعتبار ان لا صلة لها بمخاطر الارهاب وانتشار الاسلحة ما بعد الحرب الباردة، واعلن عن عزمه على نقل المعركة الى ارض العدو، وعرقلة مخططاته، ومواجهة اسوأ الاخطار قبل بروزها. وتجد الاشارة الى انه اغفل العدو وبالتالي ابقى نطاق التحرك مفتوحاً على مصراعيه لاختيار الهدف بشكل تعسفي. ولم يحدد هذا المذهب الجديد للتدخل الاستباقي المعايير التي سوف تستخدم في تعريف الارهاب، كما انه لم يوضح ما هي الظروف التي يعتبر فيها انتشار الاسلحة سراً يبرر قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري وقائي (31).
ويضيف بانه تم استبدال المذهب الراسخ الذي يقوم على الدمار المتبادل المحقق MAD بالمفهوم الجديد الذي يقوم على الدمار الاحادي المحقق SAD ومن غير المفاجئ ان يكون الانتقال من الدمار المتبادل المحقق الى الدمار الاحادي المحقق في نظر العديدين انتكاسة استراتيجية يمكن تبرير العمل الاستباقي بذريعة ان المصلحة الوطنية العليا تواجه خطراً وشيكاً، ومن ثم بموجب هذا التعريف من المرجح ان يكون عملاً احادياً. وهو يتطلب استخبارات ممتازة لتبرير مثل هذا العمل الاعتباطي من الناحية الخطابية في الاقل. بالمقابل يجب ان يسبق العمل الوقائي اذا امكن تعبئة للضغوط السياسية (بما في ذلك الدعم الدولي) من اجل الحيلولة دون وقوع ما هو غير مرغوب فيه. ويجب عدم اللجوء الى القوة الا بعد استنفاذ وسائل المعالجة الاخرى، وحين لا يعود الردع بديلاً مقنعاً (32).
ان الخطأ الاول الذي وقع فيه انصار هذه النظرية كما يرى جوزيف ناي كونهم يركزون بشدة على القوة العسكرية لوحدها فقط. ان القوة العسكرية للولايات المتحدة هي ضرورية لايجاد الاستقرار الشامل وهي الجزء الاساسي للرد على الارهاب ولكن الاتكال على الحرب يجب الا يغفل الحقيقة بان قمع الارهاب سيستغرق سنوات من الصبر والتعاون المدني مع البلدان الاخرى في المناطق التي تشترك بالتعاون الاستخباراتي وعمل الشرطة واقتفاء التدفقات المالية والسيطرة على الحدود. فعلى سبيل المثال فان النجاح الامريكي في افغانستان قد تعامل مع الجانب السهل من المشكلة، وذلك باسقاط حكومة ضعيفة ولكن القصف قد دمر جزء صغير من شبكة القاعدة التي تحافظ على خلايا في حوالي 60 بلداً. وان القصف لا يحل المشكلة في خلايا متواجدة في مناطق اخرى من العالم بشكل سري. ان الطبيعة الجزئية للنجاح في افغانستان باتت تعبر عن الحاجة الماسة للتعاون (33).

Pages