كتاب "الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة"، تهدف هذه الدراسة الى إلقاء الضوء على كل ما يتعلق بالاستراتيجية النووية وأبعادها في فترة ما بعد الحرب الباردة من تطورات وعقائد جديدة والاطلاع على سياسة الردع النووي وتأثيرها وسياسة عدم الانتشار ومخاطر عدم
You are here
قراءة كتاب الإستراتيجية النووية بعد انتهاء الحرب الباردة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
احتمالات تطور النزاعات:
امام ضباط متدرجين في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن عرض وزير الدفاع رامسفيلد في 31 كانون الثاني 2002 العقيدة العسكرية الجديدة للولايات المتحدة واعلن "علينا التحرك الان لكي يكون لنا القدرة على الردع في اربعة مواقع مهمة" مضيفاً انه يجب التمكن من التغلب على عدوين يشنان هجوماً متزامناً مع امكانية قيام الولايات المتحدة بهجوم مضاد كبير واحتلال عاصمة العدو لاقامة نظام جديد فيها. هكذا ادخل تعديل مهم على العقيدة السارية المفعول الان.
قبل ذلك كانت اهداف السياسة الدفاعية الرئيسة قد مرت بثلاث مراحل اساسية. فقبل السبعينات كانت سياسة الدفاع الامريكية تضع نصب اعينها الاستعداد لخوض "حربين ونصف الحرب". فمن ضمن روحية الحرب الباردة حيث كانت البلدان الشيوعية تشكل كتلة واحدة، كان من المفترض الاستعداد لحرب محتملة ضد الاتحاد السوفيتي واخرى من الصنف نفسه ضد الصين وثالثة في الوقت نفسه لكن بحجم اقليمي ضد بلدان عدوة لا تقاس قدرتها العسكرية بالجبارين الاخرين. ومن هذه النزاعات مثلاً الحرب الكورية والفيتنامية او الحملات العسكرية في لبنان وغواتيمالا وسانتا دومينغو. وقد دفع الطلاق بين الاتحاد السوفيتي والصين الرئيس ريتشارد نكسون الى تبني مبدأ "الحرب ونصف الحرب" الذي يتحسب لمواجهة رئيسية مع الاتحاد السوفيتي او مع الصين اضافة الى نزاع اقليمي من النوع المذكور انفاً (34).
ومباشرة بعد انتهاء الحرب الباردة اصدرت ادارة الرئيس بوش عام 1991 وثيقة بعنوان نظرة الى القدرة العسكرية الاساسية تتضمن مبدأً جديداً بات يتوقع "نزاعين اقليميين كبيرين". واكدت الادارة الامريكية في عهد كلنتون هذا التوجه عام 1993 في تقويمها الشمولي، وعام 1997 في وثيقة حول سياسة الدفاع الرباعية، اربع سنوات، حيث اطلق على هذه النزاعات اسم "حروب رئيسية في مسرح عمليات" (35).
ولم يكتف رامسفيلد في الخطاب الذي القاه في 31 كانون الثاني/ يناير 2002 بتوسيع احتمالات النزاع من اثنين الى اربعة رئيسية تدور في مسرح عمليات بل حاول تقديم تعريف اكثر دقة للاخطار التي على الولايات المتحدة مواجهتها فجمع في معسكر الاعداء نفسه المنظمات الارهابية ذات التطلعات الدولية والدول التي تساندها وخصوصاً تلك التي يمكن ان تمدها باسلحة الدمار الشامل النووية والبيولوجية والكيميائية، والتي تقوم هذه الدول بتطويرها، فالخطر لا يتحدد فقط بمصدره بل ايضاً بطبيعته. ويشير رامسفيلد في هذا السياق "علينا الاستعداد لمواجهة اشكال جديدة من الارهاب وايضاً هجمات يتعرض لها المشروع الفضائي الامريكي وهجمات افتراضية ضد انظمة اتصالاتنا من دون ان ننسى الصواريخ البعيدة المدى والبالستية والاسلحة الجرثومية والكيميائية". وفي تقرير مسبق للزيادة الضخمة في الموازنة العسكرية الامريكية، حدد رامسفيلد ستة اهداف رئيسية لسياسة الدفاع الجديدة:
1. حماية الاراضي الوطنية والقواعد الامريكية في الخارج.
2. ايصال القوات والمعدات الى مسارح العمليات البعيدة.
3. تدمير معامل العدو.
4. امن انظمة المعلومات والاتصالات.
5. تطوير استعمال التقنيات الضرورية من اجل خوض عمليات مختلطة على الارض.
6. حماية الوصول الى الفضاء والقدرة الفضائية للولايات المتحدة.
بيد ان التغييرات التي اعلنها وزير الدفاع لا تطاول نظرية استخدام القوات والمتابعة مما سمي "الثورة في المسائل العسكرية" المرتبطة بالتقنيات الجديدة الخاصة بالتصويب الدقيق عن بعد والاستعلام الدائم حول القوى المتواجهة وتحديد الاهداف المحتملة. هكذا تم التوصل الى المبدأ المركزي المعروف ب "السيطرة الاستراتيجية" القائم على المقدرة الدائمة في تحديد موقع الخصم والقضاء على قدراته العسكرية والصناعية والسياسية وابادتها عند الضرورة لارغامه على التراجع او الاستسلام. لا يستدعي ذلك في الضرورة احتلال الاراضي المتنازع عليها او ارض العدو، في الاقل في المرحلة الاولى من النزاع فالمواجهة الارضية تحصل فقط حول اهداف تختارها السلطة السياسية، أي الحكومة الامريكية (36).