رواية "عناق الأصابع" ملحمة تاريخية، تصور حياة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني البغيض، غالبية أحداثها وشخصياتها حقيقية، عانت من السجن، وقيد السجان، لكن بعض الشخصيات الأساسية في الرواية من خيال المؤلف اقتضتها ظروف العمل الفني، فإن تطابقت م
You are here
قراءة كتاب عناق الأصابع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
(1)
1978
الساعة السادسة صباحًا، بدأ السجانون يفتحون أبواب غرف سجن الرملة معلنين بدء يوم جديد. تسابق الأسرى في ذلك السجن إلى الخروج إلى الساحة ليبدؤوا يومهم بالرياضة؛ الركض هو أول ما يبدؤون به مشوارهم الصباحي، بعد ذلك يلعبون بعض التمارين الخفيفة الممكنة.
علي النجار في قسم (أ) أول النازلين إلى الساحة، فهو الرياضي الأول في السجن، لا يترك يومًا يمر بدون ممارسة ألعابه الرياضية بما فيها نطّ الحبل.
عندما يستيقظ في الصباح يعمل على إيقاظ أسرى غرفته خصوصًا الذين يمارسون الرياضة معه، فليس كل الأسرى يحبون الاستيقاظ مبكرًا، بل بعضهم لا يحب ممارسة الرياضة، ويتثاقل منها، ومنهم من يمارسها خجلاً من علي، الذي لا يتركهم ينعمون بالنوم صباحًا.
- الرياضة أهم من النوم.
هكذا يقول لهم دائمًا، ثم يتابع: - الرياضة سلاح الأسير الجسمي لتمنع عنه الأمراض، وتحافظ على صحته، في وقت يعاني فيه الأسرى من الإهمال الطبي، وعدم توفر الشروط الصحية في السجن، إضافة إلى سنوات الأسر الطويلة التي قضاها بعضهم، وربما تنتظرهم سنوات أخرى. لا أحد يعلم متى تستطيع الثورة أن تحررهم من الأسر، فالمعركة مع العدو طويلة، ولا تسمح لنا بالتقاط الأنفاس.
اقترب علي من سليم وقال له:
- انهض يا سليم، جاء السجان ليفتح الباب، لا تتأخر، سأكون بانتظارك.
خرج علي من الغرفة كبقية السجناء. ثوانٍ كانت الساحة تعج بالأسرى يركضون كأنهم في طابور حرب، أو كأنهم يمارسون تدريبهم اليومي في معسكرات قتال. بعد فترة بدأ العرق يتصبب من أجسامهم، وشعور بالراحة يتملكهم، فهم برياضتهم الصباحية يطردون الخمول، والكسل، والأمراض من أجسامهم.
يتوقف علي عن الركض، ويبدأ مع سليم في وسط الساحة باستخدام الحبل. بعد لحظات ينضم إليهم عطا القيمري، ثم عمر القاسم، ومحمد عليان، وآخرون، وتطول الحلقة، وتكثر الحبال، فتستمع إلى أصواتها المتلاحقة وهي تضرب الأرض كأنها صوت موسيقى يعذب سماعها ساعة الصباح.