كتاب " دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل " ، تأليف د. شاكر توفيق العاروري ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
دعوة نبي الله عيسى عليه السلام إلى التوحيد وفق التوراة والإنجيل
بل إن نبي الله عيسى لما سئل عن أول الوصايا بل أول كل الوصايا أجابهم: أنها معرفة الله الواحد الأحد ومحبته كما في مرقس (12/28-34): (فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله أية وصيـة هي أول الكل * فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد * وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الأولى * وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك ليست وصية أخرى أعظم من هاتين * فقال له الكاتب جيداً يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه * ومحبته من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة... .
فلما رأى يسوع أنه أجاب بعقل قال له: لست بعيداً عن ملكوت الله).
;بل كان يسوع يعلم الناس أن التمجيد يجب أن ينصرف لخالق السماوات والأرض ومالكهما لأن الله هو الإله الحق كما جاء في لوقا (10/21): (وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك إياها الأب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفقهاء وأعلنتها للأطفال، نعم أيها الأب لأن هكذا صارت المسرة أمامك… وإذا ناموسي قام يجربه قائلاً يا معلم ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية * فقال له ما هو مكتوب في الناموس، كيف تقرأ * فأجاب وقال تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك * فقال له بالصواب أجبت أفعل هذا فتحيا)(3).;
;جاء في يوحنا (5/44): (كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض، والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه).;
إن نبي الله عيسى قال لكل من سمعه أن الإله الحقيقي هو الله تبـارك وتعالـى الذي هو إله إبراهيـم وإسحـاق ويعقوب، جـاء في متى (22/32): (وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل * أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، ليس الله إله أموات بل إله أحياء).
وقد بين للجميع الإله الحقيقي كما في يوحنا (14/3): (وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته).
بل إنه كان يُعلِّم كل من سأله عن أعظم الوصايا أن أعظمها هي محبة الإله الواحد، كما جاء في متى (22/26): (وسأله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلاً * يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس * فقال له يسوع تحب الرب من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك).
لأن الأب الذي يجب أن يعبد وتصرف له الطاعات هو الله الواحد، ولا يوجد غيره، لا في الأرض ولا في السماء، كما جاء في متى (23/9): (لا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماوات).
بل أعلنها صريحة في يوحنا (14/31): (ولكن ليفهم العالم أني أحب الأب وكما أوصاني الأب هكذا أفعل).
فهذه هي غايته وهذا هو مقصده وتلك هي رسالته؛ أما غايته فرضى الله، وأما مقصده أن يكون سبباً في هداية الخلق وفق مراد الله تعالى، أما رسالته فقد أعلنها مدوية أنه يدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد وأن شريعته شريعة نبي الله موسى عليه السلام.
فبعد كل هذا هل يبقى أدنى شك عند أرباب العقول وأصحاب المعرفة أن عيسى هو عبد لله ورسوله؟ وأنه جاء ليعلم الناس تمجيد الرب وتعظيمه كما صرح مراراً عليه السلام في وجوه الذين لم يطلبوا رضا الرب موبخاً لهم على ترك تمجيد الرب الواحد فقال كما في يوحنا الإصحاح الخامس (44-45): (كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجد بعضكم من بعض، والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه).
هذا هو مطلب عيسى عليه السلام من الناس هو الإيمان بأن الله واحد لا شريك له كما جاء في الإصحاح السابع عشر (4): (وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) فكان عليه السلام معلماً، وما عدا ذلك البتة كما صرح هو نفسه بذلك كما في متى الإصحاح الثالث والعشرون (11).
إن الكلام عن دعوة الله تبارك وتعالى للإله الواحد ثابتة ثبوت الجبال وراسخة رسوخها كما بينا سابقاً؛ وسيأتي مزيد بيان بعد إن شاء الله، لكن وجب التنبيه على نصين مهمين في كتاب النصارى أعني به الإنجيل الذي يبين فيه المصلوب وفق معتقد النصارى إقراره بالإله الواحد؛ وأنه المصلوب عاجز لا قدرة له؛ ولا طاقة بالخلق؛ ولا بالابتلاء؛ فكان يصيح بصوته مستنجدا بالإله الواحد والرب المعبود والمخلص الحقيقي الغني عن كل ما سواه كما جاء في مرقس (15/34): (وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً، إلوي إلوي لم شبقتني؟ الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني).
وجاء في متى (27/46): (ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إيلي، إيلي لما شبقتني؟ أي إلهي إلهي لماذا تركتني؟).
إن هذا الموضوع قد اشتمل على نقاط عدة في موضوعنا.
أولها: قول يسوع المصلوب عند النصارى أن له ربا يلجأ له في الشدائد ويستعين به في وقت الكرب والحوائج، فنادى ربه الإله وناشده بصوت عظيم، واستنجد به واستشفاه أن يخلصه من هذه المحنة وهذا الكرب وأن لا يتركه.
إن هذا النص ظاهر في إقرار يسوع حتى آخر لحظة من حياته أن له رباً وإلهاً.
أما التنبيهات التي على هذا النص مما له تعلق بهذه المسألة:
التنبيه الأول: إذا كان اللاهوت المتجسد بالناسوت هو الذي ينادي على الإله العظيم صاحب القدرة المطلقة أن ينجيه من هذه البلية، فإن ذلك يعني أن هذا المصلوب ليس بإله، بل مخلوق عاجز ضعيف يناجي ربه كسائر الخلق والمستضعفين.
التنبيه الثاني: إذا قيل إن الذي نادى هو الناسوت.
قلنا: هل فارق اللاهوت ناسوته قبل الصلب؟
إن قالوا: نعم.
قلنا: إذا لم يقم الابن اللاهوتي بالمهمة التي نزل وتجسد من أجلها، ألا وهي التكفير عن الخطية الأصلية بالصلب وفق معتقدهم(4)، لكنه لما فارق الناسوت لم يحصل له الصلب فناداه الناسوت مذكراً له بالمهمة أو منادٍ له لحاكته له.
فإن قالوا: بل الذي نادى هو الناسوت، مع أن اللاهوت لم يفارق الجسد.
قلنا: إذاً قد توجه الناسوت إلى الإله الحق القادر على أن يخلصه من هذه البلية، وأن يعبر عنه هذا الكأس.
ثم نقول لكل عاقل: هل مات اللاهوت وفارق الحياة! أم لا؟
فإن قالوا نعم: عزيناهم أولاً بموت ربهم وإلههم.
ثم قلنا: من أرسله ليقوم بمهمته؟ ومن ذا الذي ناجاه في محنته؟ ومن رعى الكون في الأيام التي ماتها ربهم؟ ومن أحياه عند قيامته؟;
إن قالوا كسائر العقلاء: إن الإله لا يموت.
قلنا: ذهبت عقيدة الصلب بما فيها، وزال سبب التجسد ودعوته؛ لأن نزوله لم يكن إلا ليصلب ويموت ـ كما هو معتقدهم ـ.
وإن قالوا أنه مات رجعنا إلى التساؤلات المتقدمة والتي يحار العقل في دعواها ويجزم بغلطها.
أما التنبيه الثاني الذي نذكره بناء على معتقد النصارى في الصلب:
إن المصلوب بعد قيامته نص على أن له رباً واحداً وإلها قادراً، كما في يوحنا (20/17): (قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي، ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم).
فإذا ما نظرت في هذين النصين اللذين يتحدثان عن الصلب، كان النص فيهما ظاهر بأن للمصلوب رباً عند صلبه، وأن للقائم من الموت وفق معتقدهم إلهاً أحياه وأقامه.
إن هذا الرب الإله هو الله تبارك وتعالى.
ثانياً: إن المصلوب جرى عليه ما يجري على سائر الخلق من الحاجة والضعف والتألم والخوف، وكذلك الموت؛ ومن كان هذا حاله لا يمكن أن يكون رباً وإلهاً.