You are here

قراءة كتاب البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

كتاب " البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر " ، تأليف د. إبراهيم عبدالله البعول ، والذي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

التناص الإيقاعي

لعل علوي الهاشمي من أوائل من استخدم هذا المصطلح، إذ يقول: "قد يتصل هذا المستوى من المزاوجة الإيقاعية بما يسمى عادة بظاهرة التناص أو (النص الغائب) غير أننا لا نريد من هذه الظاهرة سوى الجانب الإيقاعي، أي ما يفتح بنية النص الإيقاعية ويتخللها في موضع أو أكثر محتلاُ مساحة واضحة في النص مختلفة من حيث بنيتها الإيقاعية الخاصة عن بنية النص وسياقه الإيقاعي العام، ولعلّ اتصال هذا المستوى من المزاوجة بظاهرة التناص يجيز لنا أن نطلق عليه تجاوزا التناص الإيقاعي"(25)، وتبعه في هذه التسمية حسن الغرفي في دراسته للبنية الإيقاعية في شعر حميد سعيد(26).

وعند النظر في شعر حيدر محمود نجد قصائد عده قد جمع فيها بين الأصالة والمعاصرة، وهي ظاهرة سماها حسن الغرفي (ظاهرة التناوب)، إذ تتناوب في القصيدة الواحدة مقاطع من الشعر العمودي مع مقاطع من الشعر الحر، وهذا التناوب لا يحدث اعتباطاً وإنما يريد الشاعر به إحداث لونٍ من المزاوجة الإيقاعية على المستوى السمعي، وذلك لإضفاء نوعٍ من الغنائية بإيراد الشعر العمودي، ولونٍ من الدرامية عن طريق الشعر الحر(27). ومثاله قصيدة (نهر الأنبياء)، فقد بدأها بأبيات عمودية على البحر الكامل التام على النحو الآتي(28):

ينساب واسم الله حادي ركبه

يا طيب منبعه وطيب مصبه

- - ب - / - - ب - / - - ب -

- - ب - / ب ب - ب - / ب ب - ب -

وسار على هذا المنوال حتى أكمل البيت السابع، ثم تابع القصيدة بمجزوء الكامل المذيّل على النحو الآتي :

والضفتان شقيقتان

من حوله تتعانقان

ما هانتا يوماً ولا

هو رغم طول الليل هان

- - ب - / - - ب -

ب ب - ب - / - - ب -

وانتقل بعد البيت المجزوء الثالث إلى مقطع على مجزوء الكامل الأحذ، دون التزام بالقافية.

فيه حياتهما

وحياته بهما

- ب ب - / ب ب -

ب ب - ب - / ب ب -

القدس يمناه

عمان يسراه

ثم جاء بأسطر ثلاثة على النحو التالي :

يحميهما الله

- - ب - / - -

ويديمه لهما

ب ب - ب - / ب ب -

رمزاً لحبهما

- ب - / ب ب -

وهذه الأسطر هي التي تشجع الدارس على القول أنه مزج بين طريقة الشعر الحر والشعر العمودي، علماً بأن الانزياح الموسيقي وارد بانتقاله من الكامل التام إلى الكامل المجزوء المذيل ثم إلى الكامل المجزوء الأحذ.

وبعد هذه الأسطر عاد الشاعر ثانية إلى الكامل التام فقال:

أردنُّ يا ريحاننا المغزول من حبات أعيننا ودفق قلوبنا

أرج الشهادة في سهولك عاطراً

ما زال ممزوجاً بنفح طيوبنا

واستغرق هذا المقطع ثلاثة أبيات، ثم جاء إلى مقطع كان ترتيبه على النحو الآتي:

الله ما أحلاك

- - ب - / - -ْ

يا نهر إذا تجري

- - ب - / - -

أنقى من الفجر

- - ب - / - -

قلوبنا ترعاك

ب - ب - / - -ْ

على مدى الدهر

ب - ب - / - -

يا منبع العطر

- - ب - / - -

وهذا المقطع يؤكد أنه يفيد من معطيات هيكلية القصيدة الحرة في هذه القصيدة، لأن هذا المقطع لا يستقيم مع معطيات الشعر العمودي، فهو لا يشكل أبياتاً مجزوءة أو منهوكة، فضلاً عن أن حكم العلل فيه مختلفة بين الأسطر، بيد أنك تلاحظ رائحة الشعر العمودي فيه وبخاصة في الأسطر الوسطى من هذا المقطع لوجود القافية والاتساق الموسيقي، ولعلَّ هذه القصيدة تقترب من هيكلية النشيد الشعري.

وينتقل الشاعر إلى مقطع عمودي آخر، بيد أنه ينشره بأسطر حرة، وبإمكانك أن ترتبها لتتفق مع طريقة القصيدة العمودية، فهو يقول:

يا نهرنا في كل منحى ورابيه

لنا محدث وراوية

فهاهنا دماؤنا تكتب ألف صفحة

على الزمان باقيه

وهاهنا راياتنا يحملها كماتنا

شامخة وعاليه

Pages