You are here

قراءة كتاب البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر

كتاب " البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر " ، تأليف د. إبراهيم عبدالله البعول ، والذي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

وهذه الأسطر التي تشكل أبياتا هي في الواقع على بحر الرجز وليست على الكامل، والقصيدة كما أسلفت هي على الكامل، وما يؤكد أنها على الرجز أن صور التفعيلات المستخدمة فيها هي: مستفعلن، متفعلن، ومستعلن - ب ب -، وهذه الأخيرة لا تأتي في الكامل إطلاقاً ولم تكن هذه الصورة في موضع يعطي احتمالاً لتشكل مع ما يليها صورة ب ب - ب - متفاعلن في الكامل، إذ تقتل التفعيلة التي تسبقها أو تلحق بها وبخاصة في الشكل الكتابي الذي يقدمه الشاعر.

ونكتفي بهذا النموذج على الرغم من أنه كان ظاهرة في شعر حيدر محمود، إذ يمكنك أن تجد نظيراً لهذا النموذج، وبأسلوب يختلف عنه، بيد أن الفكرة نفسها، فهناك قصيدة (لقاؤنا غداً) بدأها بأبيات عمودية ثم استخدم تقنيات عدة لإخراجها من إطار الشعر العمودي إلى إطار الشعر الحر. وكذلك قصيدة (أحبك لكن) التي أقامها على البحر الوافر، وكان يتنقل من أسلوب الشعر العمودي القائم على البيت إلى أسلوب الشعر الحر القائم على السطر الشعري بتقنيات تحول دون إعادة كتابة هذه الأسطر وفق الشعر العمودي. فقد جاءت الأسطر الأربعة الأولى على مجزوء الوافر المسبغ، فهو يقول:

سدى ضاعت ثلاث سنين

من أيامنا الخضراءْ

سدى ضاعت ليالي الشوق

رفّات المنى العذراءْ

ويلحظ أن الشاعر التزم بالقافية والعلة في نهاية السطر الثاني (الخضراءْ)، ونهاية السطر الرابع (العذراءْ). بيد أنه انحرف عن هذا النسق في الأسطر التي تليها، إذ يتشكل السطر الخامس والسادس عنده من ست تفعيلات، في حين جاء السطر السابع والثامن والتاسع من سبع تفعيلات، والسطر العاشر والحادي عشر من ثلاث تفعيلات، على النحو الآتي:

... وكنّا مثل عصفورين نملأ

حولنا الأجواء زقزقة وترتيلاً

ونقضي الليل سهرانين

نلهو بالنجوم الزهر

نغزلها لفرحتنا عناقيداً

ونغزلها لفرحتنا

أكاليلاً

وما يحكم هذا التقسيم هو القافية المتجسدة في السطر الثاني في هذا المقطع بقوله (ترتيلاً) والسطر الخامس بقوله (عناقيداً)، والسطر السابع بقوله (أكاليلاً). وهذه تقنية يستخدمها الشاعر ليخرج بالقصيدة من دائرة الشعر العمودي إلى دائرة الشعر الحر، ولعلّ هذا يشكل تناصاً موسيقياً بتقنية غير تلك التي ابتدأنا بها الحديث.

وينتقل الشاعر إلى مقطع أقرب ما يكون إلى المجزوء من بحر الرجز، إذ يقول:

وخالدٌ يهتف يا جنود كبروا

ب - ب -/- ب ب -/ب - ب -/ب-

وفي سجل النور يا أباة سطروا

ب - ب -/- - ب -/ب - ب -/ب -

صحائفا لمجدنا بها الوجود يكبر

ب - ب -/ب - ب -/ ب - ب -/ب - ب -

فهو يتشكل من تفعيلة (متفعلن) و (مستفعلن) و (مستعلن) وهذه التفعيلة الأخيرة من مميزات بحر الرجز إذ لا ترد إلا فيه، ونراه يستغل معطيات الشعر الحر وما رسخه الناظمون فيه وبخاصة في صورة (فعو) (ب-) التي تنتج من تفعيلة مستفعلن إذا اعتورها زحاف الخبن أولا ثم علة الحذذ، وهي حذف الوتد المجموع من آخر التفعيلة فتغدو التفعيلة (متَفْ) التي تنقل إلى (فعو) المساوية لها بالحركات والسكنات، وهذا انزياح موسيقي بيّن في هذا الموضع لم يكن في العروض الخليلي من قبل، ولم يستخدم, بيد أن شعراء حركة الشعر الحر استخدموه بشكل واضح، ويلاحظ كذلك أن الشاعر لم يلتزم بقواعد العلة في هذا المقطع؛ فجاء البيت الثالث دون أن تهزه هذه العلة وهذا ما يشجع على القول إن هذا المقطع يعيش في بيئة الشعر الحر.

ولعل المقطع الذي يليه لا يسمح لنا كما سمح هذا المقطع موسيقياً أن نعيد كتابته وفق العروض الخليلي، وذلك لأن خللاً موسيقياً يعتور هذا المقطع إذا حاولنا ذلك ولننظر إليه يقول:

ويا جنودنا

ب - ب - / ب -

النهر نهركُمْ

- - ب - / ب -

وماؤه على عدوكم حرامْ

ب - ب - / ب - ب - / ب - ب -

وهذا الشكل يحرم تشكيل بيت من الشعر إذ لا تستقيم معنا التفعيلة الثانية، أو التي تليها، مما يؤكد أن هذا المقطع يسير أيضاً وفق طريقة الشعر الحر ويستفيد من معطياته.

ويعود الشاعر ثانية إلى البحر الكامل التام العمودي إذ يقول:

يا نهر يا دفاق بالأمجاد

يا رمز وحدة أمتي وبلادي

لن تستذل وفي العروق بقية

من غرة الآباء والأجداد

تفديك يا نهر الخلود دماؤنا

وسواعد الأبناء والأحفاد

وينتقل بعد هذا المقطع إلى مقطع أخير نظمه على بحر الرجز وفق طريقة الشعر الحر، ومستغلاً معطياتها وبخاصة ما يتعلق بالعلل وتنوعها في نهاية الأسطر.

Pages