You are here

قراءة كتاب سأقذف نفسي أمامك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سأقذف نفسي أمامك

سأقذف نفسي أمامك

رواية " سأقذف نفسي أمامك " ، تأليف ديهية لويز ، والتي صدرت عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجوا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 2

لكني سأكتب، وعبر الكتابة سأجد بالتأكيد ذلك السر في معنى وجود الإنسان على وجه الأرض.. تحدٍّ أكبر مني على ما يبدو، لكني سأحاول، فلا ضير في ذلك سوى المزيد من الألم، لكن لا يهم بما أنه في كل الأحوال يسكن يومياتي منذ تلك الليلة الباردة التي بدأت بقبلة، قبل أن تنتهي بالدمار الشامل..

أجل.. كانت البداية من هنا، من القبلة الأولى التي شعرت بها على شفتي، من الرعشة الأولى التي سرت في جسدي ذات مساء من شهر جانفي 2000، تلك القبلة التي أعلنت كل الحروب الممكنة على السكينة والطمأنينة في حياتي. واليوم، بعد مضيّ أكثر من اثني عشر عامًا، لا بد أن أخلّدها أو أقتلها بالكتابة، ولا بد أن تكون فاتحة هذا الكتاب الذي تورطتم في قراءته دونما عِلم مسبق إلى أين يمكن أن يأخذكم. أنا نفسي لا أملك الجواب الذي يمكن أن يرضيكم؛ لأني أكتشف معكم هذه التجربة، لذلك فلنمضِ معًا حتى نصل إلى تلك النقطة المبهمة أو الواضحة لمعنى هذه الكلمات، التي تتكبدون عناء قراءتها والتمعن في تفاصيلها، بعدما تكبدت من العناء ما يكفي ويزيد لجمعها في نصّ منظّم جاهز للتقديم.

إذن البداية كانت قبلة.. أجل، على ما أظن، أو بالأحرى حسب ما تجود به ذاكرتي من المعلومات المرتبة بالتسلسل الزمني، فحتى الذاكرة لم تسلم من كل الفوضى التي حدثت في حياتي.

كيف لي أن أعود إلى تلك اللحظة الآن؛ لأوفيها حقها من الكلمات اللازمة لتعبّر عن نفسها، ويتّضح لكم نفس المشهد الذي كنت ألعب فيه دور البطولة؟ قرار صعب هذا الذي اتخذته في التعري أمام الورق على ما يبدو، حتى إنني بدأت أتراجع فيه..

لكني سأكمل وأكتب وأتعرى، رغمًا عني، وبإرادتي.. فلم يعد هناك غير الكتابة كملجأ أخير لهذا الكم الهائل من الخراب الداخلي.

اليوم وأنا أظن أن القدر اكتفى من رسم لوحته الكئيبة على وجهي، أستطيع أن أكتب وأنتقم منه بالنسيان. لكن هل يمكن أن أنسى؟!

وسؤال آخر قبل أن أجيب عن الأول: من أين سأبدأ لأنتقم وأعيد لجسدي الحياة رغمًا عنه؟ أية هزة أنشر على أوراقي كي أشفى منها؟ من أين سأفتح أبواب حزني لترسم لوحة أخرى للنسيان، أو ربما التناسي؟ وأي منهما أرحم بـي؟!

يبدو أن أسئلتي أكبر مني، ومن حلمي بالشفاء من ذاكرتي..

مازلت أحتفظ بمذاق شفتيه على فمي في تلك القبلة الأولى التي رسمت لحياتي منعرجًا لا نهائيًّا، وسمحت للقدر والبشر أن يجعلوا مني وطنًا للخراب، حتى وأنا أكتبها الآن، أضع أصابعي على شفتي فقط لأتأكد أن كلّ ذلك أصبح من الماضي.

ها هي الذاكرة تسخر مني وتفرض حضورها كل مرة أكثر إصرارًا..

Pages