رواية " سأقذف نفسي أمامك " ، تأليف ديهية لويز ، والتي صدرت عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجوا
You are here
قراءة كتاب سأقذف نفسي أمامك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- نسيم حبيبـي، لقد أوضحت لك الأمر الآن، وسأطلب منك أن لا تخبر أمي بما رأيته، تعلم أنها مريضة هذه الأيام وتحتاج إلى الراحة.. تعدني؟
- حسنًا.. كما تريدين.
أكان يجب أن يكون هناك شاهد آخر على ما حدث؟ كيف سأقنعه بعكس ما فهمه؟ كيف أفسر له أمرًا أكبر منه ومني؟ ماذا أفعل لو أنه أخبر أمي؟ كيف سأبرر لها إخفائي لأمر مهم كهذا؟
كنت أعرف أن نسيم لن يخذلني، ولم يخذلني ليس فقط لأنه وعدني، لكن لأن القدر لم يترك له الفرصة ليفعل.
عدت إلى المنـزل مع نسيم، وجدت أمي تجمع بعض أغراضها وكأنها ستذهب إلى مكان ما. شعرت بالخوف، ليس لأنها ستذهب وربما لن تعود، فأنا أعرف أمي كلما ضاق بها منـزلها تلجأ إلى بيت خالي حامد وجدتي وردية، تُفرغ ما في جعبتها من هموم وتعود بعد يومين أو ثلاثة؛ لأنها اشتاقت إلينا وإلى زوجها، فبالرغم من قسوته فهي تحبه، أو على الأقل متمسكة به. لكن هذه المرة الأمر مختلف، ستتركني وحدي مع ذلك الرجل الذي أصبح غريبًا عني بعد ما حدث. كيف يمكنني إقناعها بالبقاء دون أن أضطر لإخبارها بكل شيء؟
- أمي، هل ستذهبين إلى مكان ما؟
- أجل مريم، كنت أنتظرك. سأصطحب نسيم معي إلى منـزل خالك.
- ولماذا تريدين الذهاب اليوم؟ ثم إن نسيم لديه مدرسة غدًا.
- آه، نسيت ذلك.. أخبرت والدك أني سأذهب وقد أقنعته بصعوبة، اعتن بنفسك وبأخيك.
قبل أن تتم جملتها الأخيرة، وصلتْ إلى الباب مسرعة وكأنها تهرب من مكان تختنق فيه. لم تترك لي الفرصة لأقنعها بالبقاء هذه الليلة بالتحديد، أن تبقى من أجلي ولو لمرة. أكانت بقيت لو أني أخبرتها؟ لكني لم أخبرها، وهي ذهبت لتنسى آلامها وتتركني أكتشف جحيمي وحدي.
كنت أتابع أمي وهي تغلق الباب بسرعة خلفها، والأفكار بدأت تهاجم رأسي. ما الذي سأفعله الآن وحدي معه؟ ماذا لو عاد إلى ما قام به ليلة البارحة؟ كيف سأتصرف هذه المرة؟ عليّ فقط أن أختفي عن نظره هذا المساء وأدّعي النوم، في انتظار الغد الذي سيكون يومًا جديدًا، وربما يكون أجمل، من يدري؟! ثم ماذا لو نسي ما حدث البارحة وعاد الرجل الذي أعرفه منذ سنوات؟ لا يحدّثني سوى ليأمرني بشيء، وما عدا ذلك ينسى تمامًا وجودي في المنـزل. ماذا لو أنه كان فقط ثملاً ولم يدرك ما كان يفعله؟ لا بد أنه نسي، وسيدخل مثل عادته ليطلب مني أن أسخّن له العشاء، يأكل ويشاهد الأخبار ثم يعود إلى عمله في المقهى، وكأن شيئًا لم يكن. أكيد لن يحدث شيء..
استولت عليّ هذه الفكرة الأخيرة، طردت المخاوف التي اجتاحتني، وسخرت من نفسي ومن غبائي وخوفي الزائد من أبـي،فقط لأن أمي غادرت المنـزل وتركتني وحدي معه. في النهاية هو والدي، ربما ليس الأب المثالي بالنسبة لي، ولا الزوج الصالح لأمي، لكنه الرّجل الذي بدأ وجودي من نطافه على ما أعتقد، أعيش تحت سقفه منذ تسعة عشر عامًا، فما الذي سيتغير الآن؟ أكيد لن يتغير شيء..
- مريم، أين العشاء؟
- آتية.. أمي غادرت إلى منـزل خالي حامد.
- أعلم ذلك.. أخبريني، كيف تسير أمور الدراسة؟
قبل اليوم لم يسألني عن دراستي، حتى إنه لا يدري أية سنة أدرس، فما الذي تغيّر الآن؟ أكانت قبلته السبب في أنّه انتبه فجأة إلى وجودي؟ ربما يكون مجرد فضول فقط، أو لمجرد كسر الصمت المربك الذي كان يحتل المطبخ. لكني كنت أشعر بنظراته المريبة تتفحص جسدي من الرأس حتى أخمص الأقدام، أم إنه هذيان رأسي المتعب الذي يصور لي أي شيء؟
- جيدة..