You are here

قراءة كتاب سأقذف نفسي أمامك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سأقذف نفسي أمامك

سأقذف نفسي أمامك

رواية " سأقذف نفسي أمامك " ، تأليف ديهية لويز ، والتي صدرت عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من اجوا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

قبل أن تتمّ أمي كلمتها الأخيرة، انهال عليها أبـي بالضرب، وصوت الكدمات على جسدها يصلني إلى غرفتي.

- حرام عليك يا واحد "الحقار"..

وكلما ازداد صوت أمي ألمًا، ازدادت متعته في ضربها. لم أخرج من غرفتي، كنت أنتظر أن ينتهي فيلم الرعب الذي بدأ في السابعة صباحًا، في يوم 24 جانفي 2000.. ماذا أفعل بعناد الذاكرة؟

ساد صمت مخيف بعد تلك العاصفة، فكرت أن أبـي ملّ من ذلك فخرج إلى عمله. خرجت من الغرفة ووجدته أمام الباب، رمقني بنظرة قاسية لم أفهم معناها، قبل أن يخرج أخيرًا ليسود بعض الهدوء.

- أمي، أنت بخير؟

- لا تقلقي حبيبتي، أنا بخير. عليك الذهاب إلى المدرسة واصطحبـي نسيم معك.

- طبعًا، ما الذي حدث؟

- لا شيء.. اهتمي فقط بأخيك، سمع شيئًا؟

- لم أستطع منعه من سماع كل ذلك الصراخ.

- ماذا أفعل يا ربـي؟! لقد تعبت، تعبت..

انهارت أمي أمامي للمرة الأولى ودموعها خانتها. لم أعرف بالتحديد من أواسي، هي أم نفسي؟ كيف أخبرها بما حدث ليلة البارحة؟ وبأية طريقة؟ لا، لن أزيد عليها همًّا آخر. لكن يجب أن تعرف، ماذا لو عاد ليفعلها مجددًا؟ حينها من سينقذني منه؟

لكني لم أملك الشجاعة لأخبرها، ليس فقط لأني لا أريد أن أزيد من ألمها، لكني شعرت أنّ لي يدًا فيما حدث، وأنني متواطئة معه في خطئه. لكن ما الذي كان سيتغير لو أني أخبرتها؟ أكان ذلك لينقذني من الجحيم الذي رأيته؟

متيقنة أني لن أجد أجوبة لأسئلتي الكثيرة، لكن لا ضير في طرحها ما دامت لا تزيد إلا من تعذيبـي بوجود احتمالات أخرى. أزيد من شقائي بالكتابة ولا أشفى..

اصطحبت نسيم معي إلى مدرسته في طريقي إلى الثانوية، وكنت أتساءل في الطريق: ما ذنب طفل في الثامنة من عمره لترميه الأقدار في هذه البقعة من الأرض، أين لا يجد سوى الخراب؟ كيف سيكون رجلاً سويًّا حين يكبر؟ أية عقدة ستتركها هذه المآسي فيه؟!

أمضيت يومي في استعادة ما حدث خلال دقيقتين بالتحديد، قبلة ولمسة ورعشة. تُرى هل كان أبـي يستوعب لحظتها من أكون؟ أم إنه اكتفى برؤية جسد امرأة وهو في حالة اللاوعي التام؟ لماذا رمقني بتلك النظرة القاسية وهو على وشك الخروج هذا الصباح؟ أكان يحذرني أن لا أخبر أمي؟ إذن فهو يعرف تمامًا ما فعله الليلة الماضية. إن كان يتذكر فذلك يعني أن وعيه لم يكن غائبًا تمامًا!

مررت على مدرسة نسيم في الثالثة بعد الظهر لأصطحبه معي إلى المنـزل مثل العادة. في الطريق سألني سؤالاً لم أتوقعه.

- مريم، لماذا كان أبـي يقبّلك البارحة؟

- ماذا؟ لا، لم يكن كذلك.. كان فقط متوعكًا فساعدته على الدخول إلى غرفته. ثمّ ألم تكن نائمًا؟

- أيقظني صوتكما، كنت وراء الباب ورأيت ما حدث.

Pages