You are here

قراءة كتاب نظرية التأويل التقابلي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نظرية التأويل التقابلي

نظرية التأويل التقابلي

كتاب " نظرية التأويل التقابلي " ، تأليف محمد بازي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة ا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 3

اللوح الأول

يحاول النموذج التقابلي في الفهم والتأويل أن يبين كيف يعكس النص المصغر العالمَ المكبرَ، وأن يرصد الخطوط والمعابر التي تم تحوير العالم المكبر بموجبها إلى عالم نصي مصغر، قائم على التمثل وعلى الأفعال والأقوال والأحوال، ثم إعادة عكسها مرآويا لتشكيل صورة العالمَ من منظور المنتج. الأمر شبيه بالساعة الرملية؛ فالجهة العليا المليئة بالرمل المصَفَّى هي العالم وما فيه، والمعْبَر الدقيق هو الرؤية التي تم بموجبها تحويل الرمل المصفى إلى حبة واحدة تنتظر دورها للمرور إلى الجهة الأخرى. في هذه النقطة (المعْبَرُ المنظَّم) يلتقي الإنتاج والتلقي معا؛ فالمنتج يصوغ عبر حبة الرمل - النص - رؤيته للعالم أو لنفسه أو لهما معا، ويتلقاها من يتلقاها، مباشرة ليعيد التأمل فيها، ومن ثمة تحويل كمية الرمل - وهو مجمل تصورات الكاتب للعالم - إلى عالم أكبر، أي زاوية أخرى من التصور. ومن غير شك فالحبات تتلون بألوان القراءة واتجاهاتها، وميولاتها، غير أن التغير والتحول في الزمن يكون قد حصل، ودورة المعاني والأفكار تكون قد انتقلت من جهة ما في الزمن، وفي نظام التَّخَيُّل والتَحَيُّل إلى نظام آخر في التَّأول، وتأويل التحَيُّل والتَّخَيٌّر والتَّخَيُّل.

من شأن العلوم الدقيقة، وعلم التأويل، وعلم النص، أن تسهم في تجلية أبعاد تناغم الكون وبلاغته، من خلال التقابل البديع الذي أودعه الخالق في الملكوت، وتتسع تبعا لذلك آفاق الاعتبار في جمال الكون وسحره بما يجلي عظمة الخالق. البيان الذي لا يبين عن سر المبين وحقيقته ليس بيانا، أو هو بيان قاصر. وكما أن النصوص الرائعة تجعلنا نُكْبِر المؤلفين ونضعهم في المواضع الاعتبارية العليا اللائقة بهم، فإن التقابل في النصوص الإنسانية، يعكس تقابل الكون البديع، والتقابل المبين في الوجود يزيل الغمة عن الفكر المستبين، والباحث عن البيان والمعنى، فتنكشف له أسرار الكون البليغ، ذي النظام المتقابل مبنى ومعنى، ومن ثمة تسري رعشة المعرفة بعظمة الخالق، وفرادة صانع الكون المتقابل ذي الأسرار اللامتناهية، وتلك غاية الكمال في إدراك نص الكون، وأكوان النصوص، وكينونة التأويل، وعوالم الفُهَّام.

Pages